الرياض مدينة تختلف عن كل المدن حتى وهي في يومها العادي، لذلك يعشقها سكانها بكل صخبها، ويتوق إليها الآخرون رغبة في معرفة أسرارها، فهي مدينة لا تعرف الهدوء والسكون، على مدار اليوم حيوية ونشاطاً. هذا في أيامها العادية، إذاً كيف هي في أيام العيد؟ سؤال يعرف إجابته من حظي بقضاء هذه الأيام في الرياض من غير سكانها.

أما المقيمون فيها فكرنفالات مدينتهم بمناسبة العيد تشكل واحدة من معالمها، وهي تجمع بين عبق الماضي وأصالته ورحيق الحاضر وحداثته.
عيد الأضحى المبارك مناسبة تتكرر كل عام، لكن فعالياته تتجدد سنوياً، حيث تمنح سكان العاصمة الرياض شعوراً اجتماعياً، وإحساساً بالحياة، وهم يلتفون حول بعضهم البعض في عدد من مواقع الاحتفالات، وزيارتهم للمواقع التراثية والتاريخية، وأماكن إقامة العروض الشعبية.
في عيد الأضحى تلبس الرياض حلة زاهية كأطفالها، تزدان طرقاتها بالإضاءة الملونة، تتحول وجهاتها الترفيهية إلى خلية نحل، الكل يبحث عن يوم مميز له ولأسرته التي يحملها من موقع لآخر في حالة من الحراك الدائم بحثاً عن حياة الأجداد من خلال تراثهم، والعروض الشعبية، لإعادة الماضي، ثم الانتقال بالأسرة إلى المتنزهات العصرية لمواكبة الحداثة. إنها الرياض العاصمة التي مازالت تجمع بين الماضي والحاضر للتأكيد على أن الماضي هو الحاضر، والحاضر لا بد أن يتكئ على الماضي. هي طبيعة المدن التي قامت على أنقاض تاريخ وحضارة قديمة.
في هذه المناسبة تتكاتف أمانة منطقة الرياض، وفرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالعاصمة من أجل أن يكون عيد سكان الرياض عيدين، لذلك نجدهما في حالة استنفار تام من أجل إكمال فرحة العيد، من خلال عدد من الفعاليات الترفيهية، والعروض الموجهة للأسرة والطفل والشباب، والتي ستقام في عدد من المواقع التي أعدت خصيصاً لهذه المناسبة.

ألعاب نارية ملونة
مع حلول بوادر الظلام الأولى تتحول سماء الرياض في أيام العيد إلى لوحة مضيئة تشكلها الألعاب النارية الملونة التي تنطلق من الأرض وتبلغ عنان السماء بأشكال هندسية مختلفة، يتابعها الصغار والكبار بشغف كبير إما من مواقع إطلاقها أو من أسطح المنازل حيث يظل الجميع في ترقب وسكون للاستمتاع بحبيبات الضوء وهي تتناثر في السماء.
وللراغبين في حضور لحظة إطلاق الألعاب النارية، خصصت أمانة مدينة الرياض عدداً من المواقع واعتبرتها منصة الإطلاق وهي: الدرعية التاريخية وإستاد الملك فهد الدولي ومركز النخيل مول وحديقة مناخ الملك عبدالعزيز وبجوار الجسر المعلق غرب الرياض وحدائق الملك عبدالله العالمية وحي الحائر. وتم اختيار هذه المواقع باعتبار أنها وجهات ترفيهية للكثير من العائلات، وأماكن تجمع في أيام العيد يلجأ إليها الكثيرون لقضاء وقت جميل. فضلاً عن تمكين أكبر عدد من الزائرين للاستمتاع بالألعاب من خلال تجهيز مواقع الرؤية، وتطبيق أعلى معايير السلامة والأمن في تلك المواقع.
وسيكون أهالي الرياض وزوارها، خاصة الأطفال وهواة التصوير، على موعد مع تشكيلة رائعة من الألعاب النارية التي ستطلق في ليالي العيد الثلاث بشكل متزامن من هذه المواقع، ويقدر عدد القذائف المطلقة بأكثر من 20 ألف قذيفة متنوعة الأشكال والألوان.
وتحرص أمانة منطقة الرياض على إطلاق هذه الألعاب خلال احتفالات العيد لإيجاد لحظة ماتعة وإدخال السرور على روادها، من خلال عروض مبتكرة، وإعطاء ليالي العيد شكلاً مختلفاً، خاصة أن هذا التقليد معمول به عالمياً في المناسبات الاحتفالية.

تعدد المواقع والهدف واحد
سيعيش سكان الرياض الزائرون إلى منطقة قصر الحكم وسط الرياض أجواء احتفالية تحمل ذكريات عيد الرياض في الماضي، من خلال العروض الفولكلورية الشعبية لتراث مختلف مناطق المملكة والعديد من الفعاليات والأنشطة الموجهة للأسرة والطفل. فيما تشكل حديقة الأمير عبدالعزيز بن عياف بحي الحمراء إحدى الوجهات الترفيهية لسكان الحي، حيث ستقام العديد من الفعاليات المتنوعة التي تستهدف الأسرة والأطفال وتتضمن الفعاليات أوبريتاً وطنياً، والعرضة السعودية، ومسيرة كرنفالية، وعروض الإضاءة والمرئية، والألعاب والمسابقات للكبار والصغار.
تقع حديقة الأمير عبدالعزيز بن محمد بن عياف على الطريق الدائري الشرقي بين مخرجي عشرة وتسعة بحي الحمراء، وتبلغ مساحتها (75960م2)، وتُعتبر متنفساً لأهالي الرياض، ومن أهم عناصرها ساحة العروض بمساحة 2700م2، وممر مشاة حول الموقع بطول 1800 متر طولي، وتشمل النوافير بالمدخل الرئيسي على الطريق الدائري الشرقي في موقع ساحة العروض وسط الحديقة، وساحة بمساحة 2700 م2.
ومن ضمن الوجهات الترفيهية لسكان الرياض وزوارها في أيام العيد هناك ساحة العروض بحي الجزيرة، ومتحف صقر الجزيرة، وحي البجيري بالدرعية التاريخية، وموقعان جنوب أسواق النخيل مول، وبجوار حدائق الملك عبدالله العالمية، حيث خصصت هذه المواقع لإطلاق القذائف النارية يومياً في العيد.
وتعمل أمانة الرياض، وهيئة السياحة والتراث الوطني سنوياً على تنويع الفعاليات وتكثيفها في عدد كبير من المواقع والتي فاقت الـ 43 موقعاً في مختلف أحياء العاصمة، بهدف تلبية احتياجات كل أفراد العائلة من مصادر الترفيه في كل موقع وإتاحة الفرصة للأسر والعائلات للاستمتاع معاً بفعاليات العيد في مكان واحد، مثل فعاليات منطقة قصر الحكم، وحديقة المناخ، وساحة الدوح والتي ستشهد هذا العام باقة من الفعاليات التي تتناسب واهتمامات الرجال والنساء والشباب والأطفال.

القرية التراثية عيد الطيبين
في إطار جهود الأمانة، وهيئة السياحة لتجديد وتطوير الفعاليات افتتحت أول قرية تراثية متكاملة بساحة العروض بحي الجزيرة، وتستقبل القرية العائلات بمشاهد تراثية حية تجسد مظاهر الاحتفال بالعيد في الماضي. وتقدم القرية لزوارها الأطعمة الشعبية والمشغولات اليدوية، والمنسوجات والحلي والإكسسوارات. كذلك رسمت داخل الخيمة صورة تقريبية للرياض القديمة تضمنت أسواقها الشعبية القديمة وأزقتها وحواريها، وستقدم الخيمة لزوارها المنتجات الشعبية من خلال دكاكين ومحلات تحاكي العمل التجاري القديم، حيث تستعرض الملابس التراثية، والأحذية والأواني المنزلية والفخاريات والبشوت والمشالح والعقل، والحلويات، وبجوار هذه المحال هناك تجسيد للبيوت القديمة بداخلها امرأة تقوم بتمشيط البنات استعداداً للعيد كمحاكاة للماضي. وأخرى تقوم بنقش الحناء على كفوف الصغيرات، ونساء يوزعن الحلوى على الأطفال (عيدية الأطفال) كما في الماضي. وفي أحد أجزاء القرية يوجد المطبخ الذي يتم فيه محاكاة طريقة تجهيز ذبائح العيد، وكيفية عمل النسوة في هذا الجزء المهم.
وليس ببعيد عن منازل القرية التراثية هناك تجسيد للمزرعة، والتي تضم عدداً من المعدات الزراعية القديمة، ومزروعات مختلفة من البيئة المحلية، وفيها بعض المزارعين، وإلى جوارهم توجد العشة، وهي مكان للراحة، مظللة، ومجهزة بقربة الماء المصنوعة من جلد الماعز. يوجد في القرية أيضاً مسرح مصغر للعرضة السعودية، وبعض المعروضات الفلكلورية من مختلف مناطق المملكة، في الوقت الذي يتم فيه توفير الأزياء التي تلبس في العرضة السعودية لمختلف الأعمار. كما تقدم القرية لزوارها نماذج من الألعاب الشعبية القديمة، في جو مفعم بالفرح.
كذلك هناك 4 خيام شعبية أخرى مجهزة لتقديم كافة الفنون التراثية من مختلف مناطق المملكة حيث ستنصب خيمة في حي النظيم شرق العاصمة، وخيمة في منطقة قصر الحكم، وسيتضمن برنامج الخيام مشاركة أشهر الشعراء الشعبيين، والرواة وعازفي الربابة.

متنزه الملك عبدالله
يعد من أهم الوجهات الترفيهية التي يقصدها سكان الرياض، افتتح عام 2013م حيث، يتميز بتصميم مبتكر ومجهز بأحدث التقنيات والأجهزة الحديثة، وعلى مد البصر طبيعة خضراء ومسطحات مائية رائعة الجمال، يقع في حي الملز، ويعتبر من أكبر متنزهات العاصمة. مسطحاته الخضراء تتمدد على مساحة 318 ألف متر مربع، كما يحتوي على منطقة للعروض والاحتفالات بمساحة 12 ألف م2. ويوجد بالمتنزه مبنى خاص للمناسبات تبلغ مساحته 1160 م2. بالمتنزه بحيرة صناعية جميلة، تزيد مساحتها على 13 ألف م2، ونافورة ملونة راقصة يصل ارتفاعها إلى أكثر من 120 متراً مزودة بأجهزة ليزر تفاعلية، وتقنية لتغيير أشكال المياه المندفعة من مختلف الاتجاهات، كما تم تزويدها بنظام للضباب يحيط بها من جميع الاتجاهات ويوجد أيضا شاشات تلفزيون مائية مقاس الواحدة منها 50 م. وتوجد منطقة لألعاب الأطفال، كما يحتوي المتنزه على جلسات خاصة بالعائلة تم تغطيتها بمظلات، كما يوجد أيضاً ممرات المشاة لمحبي ممارسة رياضة المشي. كذلك يقدم للمتنزهين الوجبات العصرية من خلال عدد من المطاعم العالمية.

وادي حنيفة.. الطبيعة هناك
وجهة محببة لعشاق الطبيعة والمتنزهات المفتوحة، يقصده الكثيرون خلال عطلة العيد خاصة في ظل ارتفاع درجة الحرارة حيث إن الطقس هناك معتدل بسبب الغطاء النباتي والمياه الجارية. يحتوي المتنزه على العديد من الخيارات الترفيهية الطبيعية، ويعتبر الأكبر من نوعه، وأحد أطول مناطق التنزه المفتوحة بطول 80 كيلومتراً ابتداء من شمال طريق الملك سلمان حتى الحاير جنوباً.
ويتضمن الوادي 6 متنزهات مفتوحة هي: متنزه سد العلب، ومتنزه سد وادي حنيفة، ومتنزه منطقة المعالجة الحيوية بعتيقة، ومتنزه السد ومتنزه بحيرة المصانع، وكذلك متنزه بحيرة. ولتميزه نال المشروع جوائز عالمية. وقد تم تشجير الوادي بأكثر من 37 شجرة وذلك على طول مجراه، وفي الأماكن المعدة للتنزه، وبعض ممرات المشاة. كذلك يعد من أهم الوجهات للشواء حيث هناك أماكن مخصصة لإعداد الوجبات.

حي البجيري حيث التاريخ
في هذا الحي التاريخي يجتمع العيد بعبق الماضي، حيث المباني التراثية القديمة التي يفوح منها التاريخ القديم، بجانب ذلك الحدائق الخضراء، وممرات المشاة، والمطاعم الشعبية والعصرية، حيث خطط لهذا الحي أن يجمع بين الماضي والحاضر لتلبية متطلبات وأذواق زواره. وتتضمن احتفالات العيد أكثر من فعالية متنوعة للصغار والكبار تحتضنها ساحة البجيري على مدار ثلاث ليال؛ حيث يتم تجهيز الساحات ومنصات العرض التي ستقدم بها ألوان وفنون وفقرات متنوعة من أنشطة تراثية وثقافية واقتصادية واجتماعية.
ويعد حي البجيري الذي تم تطويره مؤخراً بمثابة البوَّابة الرئيسية للدرعية التاريخية، ويمتاز بإطلالته ‏المميَّزة على وادي حنيفة، ويشتمل الحي على منطقة مركزية تعد الحاضنة الأساسية ‏للفعاليات المفتوحة والخدمات التجارية لزوار الحي والمنطقة، بالإضافة إلى ساحة البجيري التي تحتوي محلات ‏تجارية وجلسات مطلة على كل من حي الطريف ومتنزَّه الدرعية.