للهيئة العامة والسياحة والتراث  الوطني في المملكة العربية السعودية مبادرات حيوية متنوعة تستهدف إبراز البعد الحضاري للمملكة المتمثل في: التراث بمختلف أنواعه والمواقع الأثرية والوجهات السياحية الطبيعية في مختلف المناطق، والتعريف به في أوساط أبناء المملكة والمقيمين على أرضها وزوارها في كل مناسبة وطنية أو عامة.

تواصلت مبادرات هيئة السياحة والتراث هذا العام بافتتاحها في قرية الجنادرية "واحة" تختصر المسافات بين مناطق المملكة لزوارها، حيث تقدم لهم الواحة بانوراما للتراث والثقافة والسياحة في كافة المناطق عبر وسائل عرض وإيضاح سينمائية تفاعلية مميزة تقدم أفلاماً عن المواقع التراثية والوجهات السياحية في المملكة، بجانب استعراض العديد من الثقافات والتراث الشعبي في كافة  المناطق.

نغم التراث والثقافة

استهدفت هيئة السياحة والتراث الوطني بهذه الواحة التعريف بالقيم الثقافية والمواقع التراثية والأثرية والسياحية في المملكة العربية السعودية من خلال مهرجان الجنادرية السنوي للتراث الشعبي الذائع الصيت، والذي يحظى بحضور شعبي كبير ومشاركين في فعالياته من كافة أنحاء العالم، كما يعد المهرجان مناسبة ثقافية سنوية يتطلع إليها جميع سكان الرياض وزوارها من داخل المملكة وخارجها نظراً لشهرته الواسعة فيما يتعلق بالتراث الشعبي القديم الذي يتطلع لمعرفته أبناء الحاضر، ويشتاق إليه رواده.
واحة هيئة السياحة والتراث الوطني وضع حجر أساسها في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - في شهر 12 ربيع الآخر من العام 1435 هـ، للتأكيد على اهتمام ‏قيادة المملكة الحكيمة بالتراث والثقافة والتقاليد والقيم العربية الأصيلة.‏
مشروع الواحة يعد واحداً من مبادرات الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني لدعم الجانب التراثي والثقافة والسياحي في المملكة والتعريف به من ‏خلال مبنى مميز يضم العديد من الأجنحة والتي تعرض لزوار المهرجان مبادرات وإنجازات الهيئة في قطاع السياحة والتراث الوطني وذلك من ‏خلال رحلة افتراضية شيقة بين أركان صالات العرض بالمبنى، حيث يتجول فيها الزوار بين مناطق المملكة الغنية بالتراث، والذي يختلف من منطقة لأخرى. كما سيطلع الزوار على جهود ‏الهيئة في تنمية هذا القطاع الحيوي الهام الذي شهد نقلة نوعية خلال العشر سنوات الأخيرة من حيث البرامج والفعاليات التي نظمت داخل وخارج المملكة، وأحدثت صدى واسعاً ومفاجآت لكثيرين نظراً لتنوعها وغنى مضمونها الذي تشكل من كافة مناطق المملكة.
وتجسد الفكرة التصميمية لواحة السياحة والتراث حياة الصحراء، بما فيها من حياة اجتماعية وثقافية ثرية، وغنى حضاري للمملكة كانت ومازالت تتوارثه الأجيال. تصميم المبنى من الخارج عبارة عن خيمة على شكل هلال مستلقٍ على كثبان الرمال، يشير إلى واحة صحراوية تحت ضوء نجوم السماء. فكرة تصميم المشروع استلهمت من الطبيعة والأصالة التي منبعها حياة الصحراء التي تشكل جزءاً كبيراً من مساحة المملكة، وتحظى بعشق لسكانها، حيث إنها تشعر زوارها بالدفء والطمأنينة والهدوء.
وتتكون الواحة من قاعة استقبال مفتوحة لاستقبال ضيوف الهيئة ومنطقة خدمات بإجمالي مساحة 1000م، وصالة عـرض مفتوحة استخدمت فيها وسائل العرض والإيضاح التفاعلية الترفيهية بإجمالي مساحة 3000 م، وصالة سينما تفاعلية لعرض أفلام الهيئة تتسع لخمسين زائراً، وساحة خارجية للاحتفالات وعروض الصناعات التقليدية بإجمالي مساحة 6000م.
كما تحوي الواحة أربعة محاور رئيسة: الآثار، التراث العمراني، مواقع الجذب السياحي في المملكة، المشاريع والاستثمارات السياحية، وهي المحاور التي تشكل مجتمعة عناصر التجربة السياحية الكاملة بنكهة التراث الحضاري الذي توج الاهتمام به بإقرار "مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري".
صممت الواحة من الداخل بفضاءات مرنة تمكن من استيعاب التحديث والتجديد بشكل مستمر، كما تكفل التقنيات الحديثة التي سيتم توظيفها تجربة تفاعلية للزوار، بما يتناسب مع الفئات العمرية المختلفة، بحيث يدخل الزوار في معايشة للتنوع الثقافي والطبيعي، والتعاقب الحضاري للمملكة، عبر رحلة تثقيف وترويح تشمل مناطق المملكة في مكان واحد. حيث سيغادر الزائر الواحة وكله أمل في العودة إليها مجدداً لأنه عاش تجربة التجوال التراثي والثقافي في مختلف مناطق المملكة واستمتع بقضاء وقت جميل اطلع من خلاله على تاريخ المملكة وتراثها الحضاري القديم، واكتشف العديد من المكونات الثقافية المتنوعة التي تحتضنها المملكة. الزيارة إلى الواحة أشبه برحلة استطلاعية في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية عبر طائرة عامودية تمكن من الهبوط في أي موقع صحراوي أو بحري أو سهلي أو جبلي لاكتشاف مكوناته الثقافية والتراثية.

ترويج وترويح

للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عدة مبادرات استهدفت من خلالها توطين السياحة والتعريف بتراث المملكة بكافة أنواعه لأبنائها وزوارها، للتأكيد على أن المملكة دولة غنية بالتراث والوجهات السياحية لأنها كانت ملتقى حضارات عرفها التاريخ البشري بمنجزاتها التراثية التي باتت ماثلة للعيان حتى الآن. لذلك جاء إنشاء واحة السياحة والتراث بقرية الجنادرية شمال العاصمة الرياض من أجل أن يكون هناك مقر دائم لتراث المملكة يقصده عشاقه ومحبوه في أي وقت شاؤوا. مبنى الواحة يتميز بأنه ذو طابع وتكوين إنشائي متميز ومستمد من العمارة المستديمة والصديقة للبيئة، ويقدم لزواره عروضاً داخلية متجددة سنوياً لزيادة الوعي الثقافي والسياحي من خلال عرض المعلومات والأنشطة والفعاليات السياحية لكل منطقة من مناطق المملكة. كذلك كان الهدف من المشروع هو زيادة الوعي الثقافي والسياحي الإيجابي للمجتمع المحلي من خلال المعارض المختلفة والمتغيرة، ونشر المطبوعات الخاصة بتنمية المواقع السياحية في مختلف مناطق المملكة. واستقطاب الاستثمار السياحي لأهم المواقع السياحية من خلال صالات الاستقبال ومركز للمعلومات وعرض مشاريع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني للمواقع القابلة للاستثمار السياحي. فضلاً عن عرض أهم المواقع السياحية، وكذلك التنوع البيئي والسياحي والثقافي والصناعات التقليدية لكل منطقة من مناطق المملكة.
 يشار إلى أن حجر أساس الواحة وضعه العام الماضي صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.