السبت 20 نيسان/أبريل 2024

من أسمى أهداف الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه ـ التي سعى لتحقيقها من خلال حروبه الطويلة إقامة شريعة الله، وتمكينها، كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وتراث السلف الصالح
اهتم الملك عبدالعزيز بالبدو، ونفذ أول مشروع لتوطينهم، فأسكنهم في هجر زراعية مستقرة وشكل منهم جيشاً مسانداً يُستدعى عند الحاج.


الاحتفال باليوم الوطني الذي يعم كافة أرجاء المملكة تجسيد للوحدة الوطنية والحفاظ على مكتسبات الوطن
السياسة الخارجية للملك عبدالعزيز كانت مبنية على التعاون ومناصرة الحق انطلاقاً من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي قامت عليه المملكة، ومنه انطلقت نهضتها
الملك عبدالعزيز أول حاكم مسلم يدعو إلى التضامن الإسلامي ويضعه موضع التطبيق، حيث دعا إلى أول مؤتمر إسلامي وذلك في عام 1345هـ وحضرته وفود من الدول الإسلامية، وكان هذا المؤتمر أول تجمع إسلامي شارك فيه ممثلو المسلمين من جميع الدول الإسلامية
يعيش أبناء وبنات المملكة قيادة وشعباً هذه الأيام ذكرى توحيد البلاد، في ظل ظروف سياسية إقليمية ودولية معقدة. إرهاب يسعى إلى زعزعة استقرار الوطن، وأعداء يتربصون بأمنه واستقراره، يسعون لتعطيل مسيرة التنمية، وبالرغم من ذلك ستظل المملكة ماضية في طريق البناء والنماء ولن تكترث لما يعكر صفوها، لأن سياستها راسخة وثابتة أرسى قواعدها المؤسس - رحمه الله - منذ (85) عاماً، وسار على دربه أبناؤه البررة الذين وضعوا الوطن في حدقات عيونهم.
يحل اليوم الوطني الـ 85، والمملكة على مشارف عقد من الزمن في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، الذين نجحوا في إبراز الدور القيادي للمملكة في ظل الظروف البالغة التعقيد التي تعيشها المنطقة، ومواصلين السير على ذات طريق المنجزات التي تحققت في العهود السابقة لتتواصل مسيرة البناء والنماء التي وضع اللبنة الأولى لها الملك عبدالعزيز - رحمه الله -.
ويعد الاحتفال باليوم الوطني الذي يعم كافة أرجاء المملكة تجسيداً للوحدة الوطنية والحفاظ على مكتسبات الوطن، حيث تحتفل مناطق المملكة الـ 14 بهذا اليوم وستكون هناك فعاليات متنوعة في الساحات العامة والمدارس، وستتزين سماء المملكة بالألعاب النارية، وعروض الطيران، والخيالة.
القصة التاريخية لهذا اليوم، وما تبع ذلك من منجزات على كافة المستويات منذ مرحلة التأسيس وإلى يومنا هذا، نستعرضها لأنها فخر كل مواطن عايش مسيرة البناء والنماء.

خطوة على طريق التأسيس
بدأت تلوح في الأفق معالم ملحمة التوحيد وبروز فارس جديد عندما حل الأمير عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بالكويت، في ذلك الوقت لم يتعد عبدالعزيز سن الثالثة عشرة من عمره، ظل في الكويت مع والده وأسرته مدة عشر سنوات، درس خلالها القرآن الكريم وعرف السياسة وكيفية إدارة المعارك.
رويداً وريداً تبلورت الأفكار لدى البطل عبدالعزيز، ودفعه ذكاؤه وفطنته إلى التفكير في كيفية استعادة مُلك الآباء والأجداد، لم يطل التفكير كثيراً في هذا الأمر، وقد جاءت المحاولة الأولى لاستعادة عاصمة الآباء والأجداد (الرياض) في عام 1318هـ (1901م) لكن المحاولة لم تكتمل، بطلب من والده الذي طلب منه محاصرة الرياض والعودة، إلى الكويت مرة أخرى فلبى طلب والده، وعاد.
ولكن الفارس عبدالعزيز لم ينتظر كثيراً، فاستأذن والده لتكرار المحاولة، ووافق له بعد إلحاح شديد، توجه عبدالعزيز إلى الرياض ومعه 40 رجلاً من الأبطال الأشاوس، ووصلها سنة 1902م، ووضع خطة محكمة لإسقاطها، فنجح في ذلك، واستولى على الرياض بعزيمته وإصراره وبذلك خطا الملك عبدالعزيز خطوته الأولى، على طريق استعادة حكم آبائه وأجداده، ومن ثم توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية. وفي ذلك التاريخ 5 من شوال سنة 1319هـ -15 من يناير سنة 1902م، بدأت الدولة السعودية الثالثة. وفي عام 1351هـ صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، وأن يصبح لقب الملك عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية، وأعلن جلالته في الأمر الملكي الصادر يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ توحيد المملكة العربية السعودية، وأن يكون هو اليوم الوطني للمملكة.

قيام الدولة الحديثة
بعد الإعلان عن توحيد المملكة، شرع المؤسس - رحمه الله - في بناء دولته الحديثة على أساس من التطوير المعاصر، فوزع المسؤوليات وأسس حكومة منطقة الحجاز بعد ضمها، وأنشأ منصب النائب العام في الحجاز ومجلس الشورى، وفي 19 شعبان 1350هـ الموافق 30 ديسمبر 1391م صدر نظام خاص بتأليف مجلس الوكلاء، وأنشأ الملك عبدالعزيز عدداً من الوزارات، وأقامت الدولة علاقات دبلوماسية مع أغلب دول العالم، وتم تعيين السفراء والقناصل والمفوضين والوزراء لهذه الغاية، وكانت المملكة من أوائل الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية في عام 1945م.
كذلك اهتم الملك عبدالعزيز بالبدو، ونفذ أول مشروع لتوطينهم، فأسكنهم في هجر زراعية مستقرة وشكل منهم جيشاً مسانداً يستدعى عند الحاجة، كما اهتم بالتعليم وفتح المدارس والمعاهد وأرسل البعثات إلى الخارج وشجع طباعة الكتب خاصة الكتب العربية والإسلامية، واهتم بالدعوة الإسلامية ومحاربة البدع والخرافات، وأنشأ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأمر بتوسعة الحرم النبوي الشريف، وقد شرع في ذلك عام 1370هـ -1951م ووفر الماء والخدمات الطبية والوقائية لحجاج بيت الله الحرام.

تمكين شرع الله
من أسمى أهداف الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - التي سعى لتحقيقها من خلال حروبه الطويلة إقامة شريعة الله، وتمكينها، كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وتراث السلف الصالح، ولقد حقق - رحمه الله -هذا الهدف وجعله ركيزة قامت عليه مملكته الفتية ظلت على ذلك إلى يومنا هذا، ومن قوله - يرحمه الله -: "إني اعتمد في جميع أعمالي على الله وحده لا شريك له، اعتمد عليه في السر والعلانية، والظاهر والباطن، وأن الله مسهل طريقنا لاعتمادنا عليه، وإني أجاهد لإعلاء كلمة التوحيد والحرص عليها".
وأكد - يرحمه الله - في الجلسة الافتتاحيــة لمجلـس الشــورى عــام 1349هـ. قائلاً: "إنكم لتعلمون أن أساس أحكامنا ونظمنا هو الشرع الإسلامي، وأنتم في هذه الدائرة أحرار في سن كل نظام وإقرار العمل الذي ترونه موافقاً لصالح البلاد على شرط ألا يكون مخالفاً للشرعية الإسلامية، لأن العمل الذي يخالف الشرع لن يكون مفيداً لأحد، والضرر كل الضرر هو السير على غير الأساس الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم".
قبل تولي الملك عبدالعزيز مقاليد الحكم كانت شبه الجزيرة العربية في حالة من الفوضى والانفلات الأمني، وكانت طرق الحج يسكنها اللصوص وقطاع الطرق الذين كانوا يهاجمون قوافل الحجاج ويسلبونها، وظل الحج في تلك الأيام مغامرة لقاصدي المشاعر المقدسة، من جهتها عجزت الدولة العثمانية عن تأمين الحجاج، من اللصوص واضطرت إلى أن يرافق العسكر قوافل الحجاج، وعندما أحكم الملك عبدالعزيز السيطرة، وأعلن عن قيام المملكة العربية السعودية، وبسط الأمن الشامل قضى على عصابات اللصوص وقطاع الطرق في جميع ربوع البلاد، حيث عم الأمان والأمان، وبات الحجاج يقطعون الطريق إلى المشاعر المقدسة في أمان تام، حتى أصبحت الحالة الأمنية للمملكة مضرباً للمثل.

بداية النهضة
بداية النهضة الحقيقية للمملكة كدولة عصرية كانت في عام 1357هـ - 1938م عندما استخرج النفط بكميات كبيرة في المنطقة الشرقية مما ساعد على توفر كمية كبيرة من المال في خزينة الدولة، حيث صرف على المشروعات الخدمية، وأنشئت مؤسسة النقد العربي السعودي بعد أن احتلت العملة السعودية مكاناً مرموقاً بين عملات الدول الأخرى، واشترت الدولة الآلات الزراعية ووزعتها على المزارعين للنهوض بالزراعة.
وأنشئت الطرق البرية المعبدة، وخط سكة حديد الرياض الدمام، وتم ربط البلاد بشبكة من المواصلات السلكية واللاسلكية، ووضع نواة الطيران المدني بإنشاء الخطوط الجوية العربية السعودية عام 1945م، ومد خط أنابيب النفط من الخليج إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط.
وفي عام 1368هـ 1949م افتتحت الإذاعة السعودية كما اهتم المؤسس - رحمه الله - بتوفير الخدمات الصحية، فأنشئت المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف مدن المملكة، وغيرها من المرافق العامة لخدمة المجتمع.
وتواصلت النهضة وسار أبناؤه على طريق البناء والنماء، وشهدت كل الحقب التاريخية تطورات متسارعة حيث أنشئت المطارات، وأصبح لكل منطقة من مناطق المملكة مطار، ومحطة للنقل البري، كذلك افتتحت المدن الصناعية، وتوسعت مشاريع الإسكان، والتعدين واستخراج الغاز والبترول وتطورت المرافق الخدمية كالمستشفيات والمدارس، والمدن الرياضية، والأندية الأدبية، والوجهات السياحية والترفيهية، كما شهدت المواقع التراثية اهتماماً كبيراً لتأكيد أهميتها كمواقع تاريخية وحضارية.

التطوير والإصلاح
لم يكتف المؤسس - رحمه الله - بإعلان توحيد المملكة والحفاظ عليها فقط بل سعى إلى التطوير والإصلاح لكافة المجالات التي تخدم المواطنين، فأنشأ الوزارات والمؤسسات الخدمية، وأدخلت الآلات الحديثة لأول مرة في شبه الجزيرة العربية فحلت تدريجياً محل الوسائل التقليدية، وأقام - رحمه الله - القضاء على أساس من تحكيم الشريعة الإسلامية في كل الأمور، فأنشأ المحاكم، وأصدر الأنظمة التي تدعمها وتبين وظائفها وتحدد اختصاصاتها وسلطاتها وتنظم سير العمل بها، كما وفر الملك عبدالعزيز - رحمه الله - الأمن والمحافظة على النظام، فأحكم السيطرة على البلاد وفرض النظام، وتميزت الدولة باستتباب الأمن والاستقرار.

رعاية ضيوف الرحمن
كانت له - رحمه الله - وقفة كبيرة مع ضيوف الرحمن حيث قام بتوفير أفضل الخدمات لهم وسعى لراحتهم من أجل أداء مناسكهم بيسر، كما بادر بوضع برنامج للحجاج وأشرف بنفسه على تنفيذه ليضمن لهم أكبر قدر من الراحة والأمن والطمأنينة وحفظ أرواحهم وأموالهم، كما اتخذ من التدابير اللازمة لحفظ ممتلكاتهم، وتنقلهم بين الأماكن المقدسة، وعمل على توفير مياه الشرب والأغذية وكل مستلزمات الحياة ووسائل الراحة لهم، واهتم بنشر العلم الشرعي بين الوفود الزائرة للمملكة على أسس إسلامية راسخة.

علاقات دبلوماسية
بعد أن وطد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - الحكم، وأسس نظامه، وبسط الأمن ووفر مقومات الحياة للمواطنين سعى إلى توثيق علاقاته مع الدول الشقيقـــة والصديقـة. فكانت سياسته الخارجية مبنية على التعاون ومناصرة الحق انطلاقاً من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي قامت عليه المملكة، ومنه انطلقت نهضتها وأمنها.
كما قام المغفور له الملك عبدالعزيز بمد جسور التواصل مع الأشقاء العرب وسعى إلى توحيدهم وجمع كلمتهم ولم شملهم والاتفاق على العمل الموحد من أجل تحرير أراضيهم، وبسط الأمن فيها، وكيفية العمل على تطويرها.
كان الملك عبدالعزيز أول حاكم مسلم يدعو إلى التضامن الإسلامي ويضعه موضع التطبيق، حيث دعا إلى أول مؤتمر إسلامي وذلك في عام 1345هـ وحضرته وفود من الدول الإسلامية،فكان هذا المؤتمر أول تجمع إسلامي شارك فيه ممثلو المسلمين من جميع الدول الإسلامية.
وكان هذا المؤتمر بذرة السياسة السعودية الخارجية الراسخة والتي وضعها الملك عبدالعزيز وسار على دربه أبناؤه البررة، حيث أصبحت هذه السياسة إحدى السمات المميزة لثوابت الســياسة الســعودية وهــي العمــل على وحدة كلمة المسلمين والتضامن فيما بينهم ومواجهـة أعدائهم صفـاً واحداً والتعاون والتكافل، وفي هذا قال - يرحمه الله -: "إن أحــب الأمور إلينا أن يجمع الله كلمة المسلمين، فيؤلف بين قلوبهم، ثم بــعد ذلك أن يجمـع كلمـة العـرب، فيـوحد غاياتهم ومقاصدهم ليســيروا في طــريق واحد يوردهــم موارد الخير".

وفاة البطل
في الثاني من ربيع الأول عام 1373هـ/ الموافق 9 نوفمبر1953م انتقل الملك عبدالعزيز إلى رحمة الله بعد كفاح، وجهاد طويل كان له بصمته في التاريخ الإسلامــي والعــربي، وبعد أن أقـــام دولة إسلامية عصرية تحكم بشرع الله وتعمل على خدمة الإسلام والمسلمين في كافة أنحاء العالم.
إن من يراجع مسيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله - يلحظ بجلاء اتسام مواقفه وقراراته بالأصالة والصواب وعمق النظر، وتحري الحكمة والتوازن والعدالة فيها، مع الحفاظ على الثوابت الدينية والوطنية.
ويبقى يوم الخـامس من شوال عـــام 1319م الموافـــــق 15 ينــاير 1902م عــــلامة فارقة في تــاريخ المملكة، ففيــه فتــح الملك عبــدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مدينة الرياض، ومنــها بــدأت مسيرة موفقة لاســتعادة مُلك الآبــاء والأجــداد من خلال بطولة نادرة ومخلصــة لم يشـهد التاريـخ الحديث مثيلاً لها. كما يبقى يوم 23 سبتمبر من كل عام ذكرى مجيدة يحتفل فيها أبناء المملكة بيوم الوطن، ومسيرة العطاء والنماء التي ظلت وستظل متواصلة بإذن الله.

أشهر المعارك

• 1319هـ معركة بوابة قصر المصمك بالرياض انتهت بمقتل ابن عجلان.
• 1320هـ ضم الخرج وحوطة بني تميم والحريق والأفلاج ووادي الدواسر.
• 1321هـ دخول منطقة السر، وعنيزة عام 1322هـ.
• عام 1322هـ معركة البكيرية.
• معركة الشنانة الشهيرة في الرس وكسبها الملك عبدالعزيز باستخدام عنصر المفاجأة.
• موقعة روضة مهنا قضت على ابن رشيد في جنح الظلام.
• 1340هـ حرب وحصار حائل.
• 1341هـ دخول عسير.
• موقعة تربة التاريخية ضد جيش الشريف الحسين وظفر بها الجيش السعودي.
• 1343هـ دخول الجيش السعودي إلى الطائف.
• 1343هـ دخول الجيش السعودي مكة المكرمة.
• معركة دخول المدينة والليث والقنفذة ورابغ.
• 1344هـ دخول جدة.