هيثم السيد
إذا كانت معطيات العصر قد منحت شباب المرحلة الراهنة فرصة استثنائية وغير مسبوقة لتحقيق التقدم، إلا أن السرعة التي يتغير فيها هذا العالم معرفياً وتقنياً، تجعل هؤلاء الشباب أمام مسؤولية أكثر صعوبة من أي وقت مضى في مواكبة ما يحدث ومن ثم تحديد خياراتهم، قبل الشروع في صياغة وتشكيل أفكارهم الإبداعية الخاصة

ناهيك عن اعتماد المسارات الأساسية لحياتهم الشخصية والمهنية والاجتماعية.
هناك من يملك الفكرة ولكنه لا يجد الدعم، وهناك من يجد الدعم ولكنه لا يملك الحاضنة للتنفيذ، وبين هذا وذاك، فكرة توقفت قبل بدئها لظروف بيروقراطية، وأخرى لم تجد تصنيفاً يستوعبها، وثالثة لم تجد مساعدة المختصين في إيجاد تصور محدد لها، أو مجرد تحفيز غير المختصين ولو على سبيل التجربة فحسب.
يحدث هذا كله في وجود مؤسسات وقطاعات تؤمن بأن التميز هدف، وتجتهد لتحقيقه، ولكنها تظل دائماً بحاجة إلى مبادرات نوعية تغطي مساحة من احتياج الشباب الآني لرؤية أفكارهم واهتماماتهم، وهي تأخذ مكاناً لائقاً على أرض الواقع، وأمنية كهذه ليست مستحيلة الحدوث على كل حال، ولكن وجود مؤسسة شابة، تملك حلولاً غير تقليدية، يجعل حدوثها أمراً أسرع من المتوقع بكثير.

برامج الشباب.. تسمية الاهتمامات بمسمياتها
(التشجيع على الإبداع).. من هذا المبدأ انطلقت مؤسسة محمد بن سلمان (مسك الخيرية) معلنة عن الأخذ بيد المبادرات بما يضمن استدامتها ونموها للمساهمة في بناء العقل، أما الوسيلة لتحقيق ذلك فكانت من خلال توظيف الروح الشابة المتمثلة في المؤسسة ذاتها بالدرجة الأولى، فبعد أن تحددت الأولويات التي تسعى (مسك) إليها على المستويات القيمية والثقافية والمعرفية، تم بث هذه الأولويات في صميم أنشطة المؤسسة وبرامجها، مع التأكد من تعبيرها بشكل مباشر عن واقع الشباب وتماسها مع مستجداتهم العصرية.
خطوة رأى فيها الكثيرون اختصاراً ذكياً لمسافة الفهم، وسداً للبون الذي ظل قائماً بين الفئة الشابة وبين النخبة المثقفة والمجتمع عموماً، بل إنه ازداد اتساعاً بفعل غياب جهات متخصصة تتعامل مع هذا المستوى العمري، فضلاً عن اقتصار البرامج الموجهة إليهم على جوانب شكلية لا تبحث عمّا يريد الشاب قوله ومناقشته فعلاً وإنما تستند إلى نمطية النظرة إلى الشاب بوصفه المستهدف الدائم إما بالحماية من الغزو الثقافي، أو بتلقي التوجيه والنصح المجردين.
الشباب عماد المستقبل، ولكنهم كذلك قادة اليوم أيضاً، عبارة لا تبتعد عن فلسفة (مسك) حينما أدركت معادلة التلقي الجديدة، وجاءت لتضع الشاب في مكانه الطبيعي باعتباره الطرف الأكثر أهمية وتأثيراً في النمو الإنساني والمجتمعي، فعهدت إليه بتنظيم فعالياته والتخطيط لها، وأتاحت له البيئة التي تستجيب لأفكاره وتحولها لمشاريع على أرض الواقع، وذلك بطريقة تضمن له استثمار طاقته وتجييرها لصالح أهداف مستقبلية تبدأ منه، وتعود بالنفع على أهله ومجتمعه ووطنه.

مغردون.. تويتر بهذه الجدية فعلاً
حتى تاريخ هذه الكتابة على الأقل، ليس ثمة شبكة تواصل اجتماعي أكثر جذباً من موقع (تويتر) فقد تحول خلال سنوات قليلة إلى ما يشبه حياة افتراضية موازية تضج بالأخبار الآنية وتعج بالأفكار والمواقف والآراء التفاعلية فيما يمكن اعتباره صورة عالية الوضوح لطريقة تفكير المجتمع ونوعية اتجاهاته واهتماماته، ولم يمض الكثير حتى أصبح السعوديون في صدارة شعوب العالم استخداماً لتويتر بمعدل يفوق 7 ملايين مستخدم، يمثل الشباب والشابات 70 % منهم، ويكتبون أكثر من 50 مليون تغريدة شهرياً.
مشهد كهذا لم يغب عن (مسك) فقررت إقامة ملتقى سنوي خاص تحت عنوان (مغردون سعوديون) ينقل فيه عشرات المتحدثين المتمرسين تجاربهم في شبكة التواصل الاجتماعي " تويتر" حيث يتضمن قضايا متنوعة، تناقش الجانب التوعوي الحاضر في هذا الموقع، ومدى تأثيره على أفراد المجتمع، وماهية الإيجابيات الناتجة عنه، إلى جانب دوره في التأثير على الرأي العام وعلى الجهات المعنية سواء كانت الحكومية أو الخاصة.
وبالفعل فقد انطلق الملتقى الأول للمغردين السعوديين الذي عقد في الرياض في فبراير 2013م ، بمبادرة من "مسك الخيرية"، ومشاركة 400 شاب من البارعين في استخدامات "تويتر" ، وتم خلال الملتقى عقد 5 جلسات عمل غطت مختلف القضايا والمجالات، وشارك الشباب بأفكارهم وآرائهم ومقترحاتهم في سبيل رفع الوعي الاجتماعي لاستخدام "تويتر"، ووسائط التواصل الاجتماعي الأخرى، واستعرض الملتقى مجموعة من النماذج الناجحة في توظيف "تويتر".
وتناول الملتقى الثاني في فبراير 2014م جوانب مختلفة تعنى بالشباب المبادر، وخصصت إحدى الجلسات لبحث التعصب الرياضي في تويتر، وكيفية الحد منه، واستخدام تويتر في التوعية المجتمعية، كما تم تناول مشاريع سعودية شابة استخدمت "تويتر" بإيجابية للترويج لمنتجاتها، وتم إفراد جلسة للناشئة.
وجاء تنظيم الملتقى الثالث بعنوان مبادرات شبابية، ونماذج نجاح في استخدامات شبكات التواصل، ليؤكد أن الحدث أصبح رقماً اجتماعياً وثقافياً، حيث طالب بعض المشاركين في "مغردون سعوديون 3" أن يصبح الملتقى السنوي سمة ثقافية، معتبرين أن القضايا التي تطرح في الملتقى على درجة من الأهمية، وتحتاج حواراً موسعاً حولها، ومداخلات من الشباب.

محاور كثيرة جذبت المغردين خلال هذه الفعالية، ومنها تجارب بعض الحسابات الفردية أو المؤسساتية التي اتخذت العمل التوعوي الإلكتروني منهجاً لها، وأبرز أشكال التوعية التي تحضر من خلال "تويتر"، مثل التوعية الصحيّة والاقتصادية والتربوية وغيرها، وموضوع التعصب الرياضي، عرض التجارب الإبداعية، سلبيات استخدام تويتر، أبرز الهاشتاقات والتغريدات التي بقيت في الذاكرة، ودور تويتر في الإثراء الثقافي وكذلك في تعزيز الحس النقدي في متابعة الأحداث.
تويتر بهذه الجدية فعلاً، بات مؤثراً فعلياً في صنع القرار، ومنطلقاً أساسياً لما يجري على أرض الواقع، هو الحياة اليومية الموازية لملايين الناس، وهو البيئة الخصبة لاستيعاب الكثير من المجالات والأفكار، وانطلاقاً من تلك الأهمية وضعت مسك ضمن أهدافها أن يصبح ملتقى (مغردون سعوديون) منصة لإطلاق المبادرات الإيجابية التي تخدم المجتمع وتسهم في تعزيز الانتماء والسلام والأخلاق، وإبراز النجاحات الشبابية والمساهمة في تحويل تويتر كمنارة للإبداع والنجاح والتفوق للشباب السعودي.


(شوف).. رصد المنجز القائم، تطوير التجارب الواعدة
كشفت إحصائية متخصصة في مجال الإعلام المرئي ووسائله الجديدة، لشركة غوغل أن السعودية تتفوق على الولايات المتحدة في عدد المشاهدات للشخص الواحد حيث يصل عدد المشاهدات للمستخدم الواحد في المملكة إلى أكثر بثلاث مرات من عدد المشاهدات للمستخدمين في أمريكا، وبالتالي لا يمكن إغماض العين عن انتشار هذه الوسائل وضخامة إنتاجها الذي تجاوز مرحلة أن يكون خياراً للمشاهدة إلى أن يصبح منجزاً قائماً له نجومه وشركاته وصناعته وجمهوره، وسوقه الإعلاني الذي يفوق 17 مليار دولار سنوياً حول العالم.
لقد جاء هذا الواقع بتغيير كامل الأركان لكل ما اعتاده الناس على مدى سنوات عبر الوسائل المرئية التقليدية، وكان الشباب في طليعة صانعي هذا المشهد الجديد، ولهذا قررت (مسك) في المقابل أن تصنع لهم مساحة للحديث عن الأمر، في أول حدث تفاعلي متخصص في هذا الموضوع، فكان (ملتقى شوف) الذي أصبح مرجعاً في هذا المجال، بعد أن شهدت الرياض انطلاقته الأولى قبل عامين من الآن.
ومن خلال دورتين ناجحتين، وضع الملتقى النقاط الأكثر أهمية على طاولة النقاش، فاستعرض ثورة التواصل الرقمي عبر الإعلام الجديد والمنجزات التي صنعها الشباب خلال الـ3 سنوات الأخيرة، وتلك البرامج التي حققت المتابعات بالملايين، وكيف كان الابتكار والإبداع والمهارات الشخصية محركاً رئيساً لهذه النجاحات، حيث تعزز الفكر بالممارسة، وصقلت المواهب بالتدريب، ومن ثم كان الانطلاق في فضاء لا حدود له.
استقطب الملتقى في دورتيه الأولى والثانية (2013 - 2014) قرابة ألفي شاب وشابة فضلاً عن آلاف المتابعين لأنشطته عبر الحسابات الاجتماعية، واستضاف نخبة من المتخصصين وأصحاب التجارب الذين عرضوا رؤاهم المختلفة عن القضايا المتعلقة بالإعلام المرئي الجديد، ومدى إسهامه في رفع الوعي لدى الشباب وتسخير أدوات هذا الإعلام لخدمة وتنمية الوطن، ومنها: مستقبل الإعلام المرئي الجديد، وفرصة التسويق والتجارة، وأخلاقيات الإعلام المرئي الجديد، وقصص نجاح لشباب سعوديين. وتفاعل الشباب مع هذا النمط الإعلامي الحديث، وكيفية الإفادة منه لتحقيق التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في ظل تنامي التوجه نحو هذا الإعلام وتأثيره على مختلف شرائح المجتمع.
كانت من أهم أولويات (مسك) في هذه الفعالية أن لا تقف عند رصد المنجز بل أن تتيح كذلك فرص اللقاء بين الشباب الموهوبين وخبراء الإعلام المرئي الجديد، وهو أمر بالغ الأهمية في سبيل مساعدة أسماء ومشروعات جديدة لتطوير قدراتها ومفاهيمها، باتجاه تسجيل الحضور الفاعل والانضمام إلى الكثير من الإبداعات الفنية والفكرية والترفيهية الموجودة فيه، وبالتالي يكون الملتقى قد أسهم في صناعة محتوى إيجابي بأدوات احترافية.
كما استهدف "ملتقى شوف" تسليط الضوء على الإعلام المرئي الجديد ومساهمته في بناء الواقع الاجتماعي من خلال وضع بديل يسمح بالتفاعل مع القضايا المجتمعية، ويعتمد على الاقتصاد في التكاليف والذي يوفر بدوره فرصاً لإنتاج أفلام قصيرة ملائمة المحتوى لمستجدات العقليات الشبابية التي تعد الركيزة الأولى في المشاهدة والمتابعة، وقد حصلت بالفعل بعض هذه الأفلام على نسب مشاهدات عالية وجوائز مختلفة، وأبرز مثال على ذلك المقاطع التي أنتجها الشباب السعودي ونشرها على يوتيوب.

تيدكس.. فعالية عالمية برؤية سعودية من (مسك)
حصل الشباب على منظومة من الفعاليات النوعية المقدمة من مؤسسة (مسك) الخيرية، ولم تتوقف المؤسسة عن تخطيط وتنفيذ واستحداث برامج خاصة بهم للفترة المقبلة، وفي أثناء ذلك قررت أن تسلط الضوء كذلك على مجال الطفولة باعتباره المورد الأول والنواة الأساسية لصنع الجيل الشاب الذي يمثل محور اهتمام المؤسسة، كان الهدف هو اختيار فعالية احترافية ذات تأثير عالٍ من حيث تحفيز النشء وزرع الثقة فيهم، ومن هنا جاء تنظيم مسك للنسخة السعودية من فعالية (تيدكس الأطفال).
ينتمي هذا الحدث إلى برنامج تيدكس TEDx العالمي، وهو من أهم الملتقيات العالمية في مجال عرض التجارب الناجحة واستلهامها، يقام سنوياً في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ويهتم بنشر الأفكار التي تستحق التقدير والاهتمام في مجالات متعددة، وقد جرت العادة أن ينظم هذا الحدث محلياً ليجمع الناس ويحاكي تجربة TED العالمية، وذلك بناء على تحقيق شروط رئيسة تمنحها الشركة العالمية لكل من يريد أن ينظم حدث .TEDxحيث كانت مؤسسة (مسك) الخيرية إحدى الجهات القليلة في العالم التي حصلت على هذا الامتياز، بحيث تولت بالفعل تنظيم هذه الفعالية في مسارها الخاص بالطفل، وذلك تحت عنوان (أفكار تستحق الانتشار).

وعلى مدى أربع دورات نظمتها (مسك) بدءاً من العام 2011، فاجأت تيدكس للأطفال في الرياض الكثيرين بمستوى المواهب والأفكار الإبداعية التي تم تقديمها واكتشافها؛ حيث تبين للجميع أن كثيراً من الأطفال يسبقون سنهم بما يملكون من قدرات فطرية، وأنهم جديرون بالثقة والاهتمام من أجل تطوير هذه القدرات واستثمارها.
شارك في الفعالية أطفال من عمر 5 سنوات حتى 15 سنة وكان حضور أولياء الأمور بارزاً من خلال عرض تجاربهم التربوية والتشجيعية لأطفالهم، وقد أكد القائمون على تيدكس الأطفال أن مؤسسة (مسك) تهدف إلى طرح أفكار أطفال المملكة بوجه عام والرياض بشكل خاص لإشراكهم منذ عهودهم الأولى في بناء المجتمع والتأثير في بيئتهم المحيطة من خلال إرشادهم لكيفية الإفصاح عن تلك الأفكار ومشاركتها مع الغير.
كما دعمت مؤسسة مسك الخيرية هذه التجربة برعايتها أحد ملتقيات "تيدكس الشباب" وهي سلسلة من المؤتمرات العالمية تعنى بالتكنولوجيا والترفيه والتصميم (Technology Entertainment and Design)، حيث استضافت متحدثين متميزين أسهموا في إنجاح النسخة السعودية من هذا الحدث العالمي، بما فيه من تبادل الخبرة ونقل المعرفة، بشكل حضاري يثري ويستثمر في رأس المال الفكري لدى فئة الشباب.

إعلاء قيمة التعليم.. صنع القادة
لا ينفصل التعليم عن صنع القادة، ولكن الواقع يقول أيضاً إن التعليم في حد ذاته علم يتطور مع الزمن وتنمو قواعده ووسائله ومسارات تطبيقه، والكلام نفسه ينطبق على صنع القادة الذي أصبح مجالاً مستقلاً له أكاديمياته ومنهجياته التي تعمل على توفير كل الظروف العلمية والعملية لصناعة جيل يقود مجتمعه ووطنه نحو مستقبل أفضل.
(مسك) الخيرية تقف في مقدمة مؤسسات المملكة من حيث رعاية وتشجيع التعلم وتنمية مهارات القيادة لدى الشباب، وهي تستعد لافتتاح مدارس «مسك» القائمة على معايير حديثة تم تطبيقها بناء على شراكات عالمية مع بيوت الخبرة الأكاديمية والتدريبية ذات التجارب المتقدمة في هذا المجال.
لدى هذه المدارس هدف واضح يتجه نحو إعداد وتحضير الطلاب لرسم طرقهم الخاصة في خدمة وقيادة المجتمع؛ ولذا فإن مدارس مسك (غير الربحية) ستخدم مجموعة صغيرة من حوالي 400 طالب من مراحل التمهيدي إلى الثانوي، من خلال النموذج الذي يؤكد تعزيز التعلم كشخصية، وتنمية أدوات صقل الإبداع والابتكار لدى الطلاب، والتفكير النقدي ومهارات حل المشكلات.
أما الجانب الآخر من هذا التوجه الحضاري فيتمثل في أكاديمية "مسك" للقادة، وذلك لإتاحة الفرص للتعلم نظرياً والاستفادة من تجارب الآخرين في اكتشاف وتطوير القيادات الواعدة في المملكة حيث تستهدف الأكاديمية الطلاب والقادة على نحو سواء بهدف تحقيق أكبر استفادة معرفية ومهارية، وذلك باستخدام مزيج محكم من المشاركة على الإنترنت، التدريس في الفصول، والتدريب الفردي، والإرشاد، والعمل الجماعي عن بعد، والتعلم القائم على العمل وتركز على تخريج شباب ذوي معارف ومهارات عالية، وهذا يعود إلى المساهمة في تطوير نماذج قيادية في المملكة.
ولم تغفل المؤسسة جانب التعليم بالمجان ولهذا تعاونت مع "أكاديمية خان" وهي مؤسسة تعليمية غير ربحية، شعارها "تعليم بالمجان على مستوى عالمي لكل شخص في كل مكان" وشاركت مسك أكاديمية خان في مشروع مشترك لمساعدتها في تحقيق أهدافها، حيث تقوم مسك بترجمة مقاطع فيديو إلى العربية مسجلة لأكاديمية خان في علوم عديدة.
كما استطاعت "مسك الخيرية" تكوين شراكات مميزة مع أبرز الجهات التعليمية العالمية، وكان إحدى ثمار هذه الجهود التعاون مع جامعة هارفارد الأمريكية وتمكنت من الحصول على تفويض من جامعة هارفارد لتكون وكيلًا للجامعة في مجال القيادات الشابة الناشئة في الشرق الأوسط، كما حصلت أيضاً على مقاعد لتطوير قياداتها في برامج الجامعة لتأهيل وتطوير القيادات بالإضافة لزيارات الوفود المتبادلة، والمشاركة في الخبرات وتوقيع الاتفاقات، وتطمح مسك لتوسيع مجالات التعاون مع جامعة هارفارد، ليتحقق هدفها الأسمى بإثراء المجتمع السعودي برواد التعليم العالمي.
ومن شأن هذه المشروعات أن تركز على الاهتمام بالشباب في أنحاء البلاد وتوفر وسائل مختلفة لرعاية وتمكين المواهب والطاقات الإبداعية وخلق البيئة الصحية لنموها، والدفع بها لترى النور واغتنام الفرص في مجالات العلوم والفنون الإنسانية ودعم ركائز المعرفة في مجتمعنا من خلال تمكينهم نحو التعلم كوسيلة للتطوير ودفع التقدم في الأعمال التجارية والجوانب التكنولوجية والأدبية والثقافية والاجتماعية لأمتنا.

إعلام، ثقافة، تقنية، وريادة أعمال.. حضور متجدد
مجتمع المعرفة، مفردة تقال كثيراً، ولكن في مؤسسة (مسك) الخيرية يجري العمل عليها وتطبيقها فعلياً، فالمؤسسة استطاعت أن تبني معرفتها وخبرتها الخاصة في مجال اختيار وتنظيم المبادرات النوعية، وهو ما جعلها خياراً مثالياً لكل أصحاب الأفكار الباحثين على بيئة خلاقة لدعمها ومشاركتها واستثمارها.
وقد استطاع الحضور المؤسسي لهذه المؤسسة أن يجعل منها تجربة جديدة لما هو متوقع من مفهوم المؤسسة الخيرية، حيث تأخذ كل مبادراتها طابعاً تنموياً ومستداماً، كما تتمتع بقدرة على الابتكار والإنجاز وتقبل كل ما هو جديد، بل واستباقه إذا تطلب الأمر، فالهدف دائماً هو تحقيق الإنجاز والقيمة المضافة للمجتمع السعودي، كما أن المبادئ التوجيهية لديها هي الالتزام والأثر والنزاهة واستحداث الفرص لتنمية المجتمع وإطلاق طاقات أفراده.
تبقى الإشارة إلى أن (مسك) سجلت حضورها في مجالات عديدة منها الإعلام الذي تؤمن بكونه الوسيط الأهم والأكثر تأثيراً لنقل الخبرات والثقافات والأفكار، كما أن لديه واجباً في بناء وتنمية الثقافة والوعي في المجتمع والوطن، وهو ما جعل المؤسسة تركز على تنمية المهارات الإعلامية، وتدعم مواهبه وتتيح لها مجالات التطور، كما تدعوهم باستمرار للإسهام في فعالياتها المختلفة.
أما على الصعيد الثقافي، فقد عملت (مسك) على إطلاق مشروعات ثقافية تستهدف تحقيق الإضافة الفعلية في أحد أهم المجالات حيوية ومحورية في المشهد الاجتماعي والوطني، مع إعطاء أولوية لدعم ثقافة القراءة وتشجيع الأدباء الشباب مع الاحتفاء بتجارب التأليف والكتابة الجديدة، وقد ظهر هذا التوجه بشكل واضح عندما نظمت مسك 12 ندوة وورشة عمل خلال فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2015م، شهدت مشاركة أكثر من عشرين أديباً وأديبة من المبدعين الجدد أصحاب التجارب البارزة في عدد من الفنون الكتابية والإبداعية، وقد حازت هذه الفعاليات إعجاب جمهور المعرض الذي يعد الأكبر من نوعه في المنطقة.
رعت كذلك "مسك الخيرية" العديد من الفعاليات ومن بينها دورية بعنوان (شارك) تهتم بدعم الشباب رواد الأعمال، عن طريق نشر ثقافة ريادة الأعمال ومشاركة التجارب وإبراز الشباب والشابات الناجحين في مجال التقنية، وهي تعنى بمرحلة الشباب والأطفال وكذلك ذوي الاحتياجات الخاصة، الأمر الذي يثري روح الإبداع والمبادرة ويساهم في دعم الاقتصاد الوطني عبر دعم رواد الأعمال السعوديين.
كما رعت (مسك) فاعلية "كمّل" تجسيداً لاهتمامها بتشجيع الإبداع ونقل النجاحات ومشاركة الخبرات بين الشباب ليستفيدوا ممن سبقهم، وهي فعالية موجهة لرواد الأعمال يجتمع فيها المتعثرون والناجحون في جلسات مشاركة الخبرات والتحفيز مع متحدثين متميزين مروا بتجارب مثيرة وخرجوا بدروس مستفادة ليثروا بها جميع الحاضرين.