الخميس 25 نيسان/أبريل 2024

هيثم السيد – الرياض
المكان عنصر أساسي من عناصر الرواية، وللرياض حكايتها الخاصة داخل وجدان السرد، ولها تأثيرها الذي يتجاوز أحياناً مسرح الحدث إلى صناعة هذا الحدث، حيث تمتلك هذه المدينة من السمات الثقافية والجغرافية والتاريخية ما جعلها تؤثر بشكل مباشر على الشخصيات الروائية

بل وتقف معها أحياناً كما لو كانت الرياض شخصية قائمة بذاتها، حين يكون المكان بطلاً من أبطال الحكاية.
وبغض النظر عن تكرار اسمها في روايات مثل (بنات الرياض) و(شباب الرياض) و(سورة الرياض) فإننا هنا نحاول تتبع الرياض بين التفاصيل والسطور التي قدم فيها الروائيون هذه المدينة من وجهات نظر عديدة، ومتباينة، فهناك من أرّخوا للرياض في مراحل مهمة من عمرها، وهناك من أخذت كتاباتهم طابع المذكرات، في حين اكتفى الآخرون بتوظيفها كشاهد على القصة وجزء من الحوارات المطروحة.
 في كل الأحوال.. الروايات وثائق تاريخية، واستقراءات جمالية، وأدلة سياحية أحياناً، وهي تكشف جوانب فلسفية وشعورية كانت حاضرة في إعادة فهم هذه المدينة كفكرة في حد ذاتها، فقد أتاحت زوايا جديدة لاستقراء الرياض ومعرفتها من خلال التجول في أحيائها التي تغيرت ديناميكياً خلال سنوات قليلة، حتى وصلت إلى العاصمة الحضارية الحديثة التي نعيش فيها اليوم.

رحيل اليمامة – إبراهيم الخضير

الروائي والطبيب النفسي إبراهيم الخضير كان ممعناً في حب الرياض والتغزل بها في روايته (رحيل اليمامة)، وذلك من خلال شخصية الدكتور منصور حيث تقول له بطلة الرواية ذات موقف صريح: "أنت رجل سلبي، آثرت الانسحاب من الحياة والعيش في الخيال بين الكتب والأفلام، الكتب الطبية والأدبية والفلسفية، تكتب في الصحافة، تدون مذكرات زائفة، تنشرها عن أحداث واقعية وتريد أن تعيش مثل ألبرتو مورافيا كما تقول، عاشقاً للرياض، كما ألبرتو مورافيا عاشقاً لروما!"
في موقف آخر تعود لسؤاله: "هل تحب المطر في الرياض؟". فيجيبها: "أحب الرياض بأي وضع وعلى أية صورة، وفي أي مناخ، لا تعلمين كم أحب هذه المدينة، أنا لست من أهل الرياض ومع ذلك أحبها بجنون، هذا ليس حباً عادياً ولكنه عشق ووله". قبل أن يسهب في فلسفة هذا الشعور فيقول: "إن العلاقة بين البشر والمدن ليست فقط علاقة سكن وإقامة، إنها أكثر من ذلك، إنها أحاسيس ومشاعر، تأثر وتأثير، علاقة يصعب على غير الذين مروا بهذه التجربة أن يفهموا معناها".
في جانب شخصي، يكشف البطل عن رغبة عميقة لديه فيقول: "أريد أن أكتب كتاباً وجدانياً يشبه الشعر أو الرواية عن الرياض، تماماً كما فعل مورافيا مع روما، حينما كتب عن شوارعها ومقاهيها ومطاعمها وقصورها وأحيائها العشوائية، عن رجالها ونسائها، وكيف تحولت هذه القرية الصغيرة إلى مدينة كبيرة، رائعة وجميلة".
حوار آخر يدور بين البطلين (منصور) و(يمامة) حيث تسأله: "هل تظن أن الرياض هي المرضى الذين يأتونك في العيادة؟". قبل أن تكشف له عن رأيها الخاص فتقول: "الرياض شيء آخر، شيء يصعب عليك أن تعرفه إلا إذا كنت مثلي، عندئذ ستعرف الوجه الآخر القاسي للرياض".
يجيبها: كل المدن الكبيرة قاسية لا ترحم، ثم يقرأ عليها مقطعاً من قصيدة الفيتوري:
نيويورك.. ملء عروقي كآبة.. وعيناي فوق ثراك سحابة
ولا قلبك المتحجر قلبي، ولا أنت في وهج الشعر دربي

تبتسم وتقول له ما أجمل نطقك للكلمات ولكن استبدل نيويورك بالرياض!

مذكرات منسية – عبدالله بخيت

في هذا الكتاب مجموعة من الحكايا التي اختار الروائي عبدالله بن بخيت أن يربطها جميعها بعامل مشترك واحد، هو طبيعة الحياة الاجتماعية في مرحلة مبكرة من تاريخ الرياض المعاصر، وقد كانت الذاكرة لاعباً مهماً في ميدان هذه الكتابة التي استعرضت تفاصيل بالغة الدقة بما جعل هذا الكتاب يبدو كآلة زمنية مكانية تحكي الظروف الثقافية والاجتماعية المحلية بعملية تشكل عاصمة وليدة.
يقول مثلاً: "جنجا لم يكن الاسم الغريب الوحيد في ذلك الزمان، فهناك عشرات الأسماء الغريبة المنتشرة بين الأطفال واليافعين من عيال الرياض مثل (الكوش، بوشكاش، الكتلوج، دورو.. إلخ).
كانت المجر والبرازيل ومصر وجدّة شيئاً واحداً بالنسبة لنا، لم نكن نعرف حينها أن جدة جزء من بلدنا، ومصر جزء من أمتنا، والبقية جزء من العالم، كان كل شيء يتداخل في كل شيء، ولا يبقى من العالم سوى حارات الرياض، فكل شيء عدا هذا كان أجنبياً".
وفي جولة مكانية لا تخلو من إسقاط فلسفي، يقول ابن بخيت: "العالم في وعينا يبدأ من طلعة الشميسي وينتهي عند مقبرة العود، قد يتلكأ قليلاً هنا أو هناك، فيلتفت على دخنة أو الشرقية أو القرى أو حلة القصمان، ولكنه يعود ليستقيم شرقاً ليسقط في مقبرة العود، بعضهم يتمطى ويتباطأ ويأخذ من العمر ما يكفيه ويزيد، والبعض الآخر يتسارع ليعبر الرياض كلها في عز شبابه.
كان عالمنا في الرياض القديمة ممتلئاً بنفسه، يكاد ينأى عن العالم بانغلاقه، ولكن من يهتم؟ لأنك إذا عرفت العالم الآخر ستعيش فيه، وإذا لم تعرفه ستعيش دونه، في كلتا الحالتين ستستنفد حقك من العيش"

في موضع آخر، يصف ابن بخيت صديقاً فيقول: "ربما كان عمره أصغر من أربعين عاماً، ولكنه بدأ في ذاكرتي في هذا العمر، وانتهى من حياتي بهذا العمر، كل شيء عرفته عنه كان في ربيع سنة ست وسبعين ميلادية، السنة التي غادرت فيها الرياض القديمة إلى الأبد، لعله كان أجمل ربيع مر على مدينة الرياض، الربيع الذي تزدهر فيه ورود القلب".
أما حين يتعلق الأمر بعادة القراءة، وما كان يفعله عشاق الكتب في الرياض قبل عقود من الآن، فيخبرنا ابن بخيت أن الأمر لم يكن يخلو من صعوبة بالنسبة لهم، حيث يقول: "لم يكن الوصول إلى الكتاب في تلك الأزمنة سهلاً، لا أتذكر في الرياض إلا عدداً محدوداً جداً من المكتبات التجارية التي تحولت بشكل متسارع إلى مجرد قرطاسيات، حتى أصبحت كلمة مكتبة تعني قرطاسية، كانت هناك مكتبة اسمها مكتبة الحياة تقع في شارع الثميري، لا أعرف هل كانت مكتبة حداثية أم لا، ولكنها كانت المكتبة الوحيدة التي نشتري منها كتباً حديثة".

الحمام لا يطير في بريدة – يوسف المحيميد

ربما كان يطير في الرياض!.. هذا ما سيتبادر للقارئ الذي سيكتشف أن جزءاً كبيراً من أحداث رواية يوسف المحيميد يدور في الرياض، بل ويصف طرقها وأحياءها بشكل يكاد يجعل الرواية دليلاً سياحياً للتنقل في أنحاء العاصمة واتجاهاتها المختلفة.
في ظل حكاية درامية متقنة، ودون أن تغيب اللمسة الفنية، يقول الراوي: "يكاد الخدر يتسلل إلى جسد الرياض وهي تنام مثل امرأة غامضة، أضواء الشوارع خافتة وهي تصارع أعمدة الغبار التي تصب جحيمها فوق المدينة، الجسر الصغير في برج المملكة كان غائباً في ظلمة الغبار الثقيل، وكذلك الكرة البلورية فوق برج الفيصلية" ثم يعلق في موضع آخر: "الغبار يخنق الرياض لليوم الثالث، القمر يحاول أن يكون بدراً مرئياً دون فائدة تذكر".
الرواية التي تدور في زمن راهن، لم تغفل جانب الحديث عن الماضي، حينما استعاد يوسف المحيميد شيئاً من الذاكرة، وقال: "جده محمد مطر، كان يعرف الرياض القديمة أكثر من أهلها، يعرف حدودها القديمة من الديرة إلى دخنة، يستطيع أن يصف شوارعها كما لو كان ينقل من خريطة، من شارع العطايف إلى شارع السويلم، فشارع الظهيرة، حتى المحلات القديمة الشهيرة التي يعرفها ويحدد مواقعها، محل بيت الرياضة الفالح؛ مكتبة الدخيل، استوديو الهدا، يتذكر البطحاء جيداً ويرشد أبا فهد أحياناً إلى تفاصيل لا يفهمها، يحدثه عن البطحاء وعماراتها الشهيرة، عن أول عمارة هناك، وأول محل تسجيلات إسلامية، وعن شارع الوزير ابن سليمان.
ما أبهى ضحكة الجد الأردني حين يروي لصهره عن النوّاب في شارع الوزير زمن الستينيات وقد جاء غريباً عن المدينة وتقاليدها".

بعض العبارات التي تضمنتها رواية المحيميد وضعت الرياض في صور فنية واستعارات لافتة، ومن ذلك جملته "سماء الرياض تنخفض إلى حد أنه قد يلمسها بيديه" والمقطوعة التي أطلقها عنواناً لأحد فصول الرواية، والتي جاء فيها "يقول لم أسرق زيتوناً، عزيزي السيد لوركا: لم أسمع صوت حبيبتي وهي تواسي لوعة فقدي لأمي، لم أنتبه إلى أن الأندلس تحضر في الرياض، ولم أفكر أن الرياض تذهب في الأندلس البعيدة".

سقف الكفاية - محمد علوان

في (سقف الكفاية) العمل الروائي الأول، والأشهر في الغالب، للكاتب محمد حسن علوان، كان تناول الرياض أكثر كثافة أدبية وفنية من الذي اعتاد عليه القراء في روايات أخرى، حيث لم يكن الروائي هنا مشغولاً بالوصف المجرد لمواقع وشوارع المدينة بل بالحديث عنها من منطلق رؤيوي وشعوري بحت.
وفي مراوحة بين الوجد الذي قد يصل إلى السوداوية أحياناً، وبين التأمل المجرد فيما يوحي به المكان، يختار علوان مواضع بعينها في روايته ليخاطب المدينة، فيقول: "شوارع الرياض الخاوية صباح الجمعة ستأخذني إلى وهم ما أفطر عليه أو منديل قديم أمسح به دموعي الثقيلة". ويردد في حالة أخرى: "صباح الحزن أيتها الرياض الخاوية، الرياض التي لا تعد بشيء ولا تفي بشيء".

غير أن طرح علوان للرياض يبدو من النوع الذي يثير الأسئلة في ذهن القارئ، حيث تولد الحاجة أحياناً لمعرفة سر ارتباط المكان بالشعور أحياناً، أو ربما لفهم الطريقة التي يتم فيها تحميل المكان أوزار الشعور في أحيان أخرى، يقول مثلاً: "شعرت أن الرياض التي تعبت معي لن تمنحني أكثر من زحام الناس الذين لا يشعرون بي، وآلام الكلى التي تستفحل في خاصرتي، وأنين الذاكرة التي تستنطق حبنا في هذا المكان أو ذاك".
في مساحة مختلفة للطرح، وضمن سقف الكفاية، يجد علوان منطقاً جديداً لفهم الرياض، فيقول بطل الرواية: "بعد السياب حاولت كثيراً أن أفلسف المطر، كنت أخرج إذا هطل في الرياض إلى حيث أبقى أنا وهو وحيدين".
قبل أن يضيف في مقطع آخر: "الرياض لا تغيم كثيراً، ومتى غامت انتابت الجميع رغبة في الفلسفة المطرية، الجميع يهذر حسب فهمه، الشاعر بدفتره، والمسن بذاكرته، والأنثى بقيودها، والعاشق بسهومه، والمتشرد بحفائه والفلكي بأنوائه ونجومه".

فلتغفري – أثير عبدالله النشمي

أبطال رواية (فلتغفري) وهي العمل الثالث للكاتبة أثير النشمي، لم يكونوا على ارتباط وثيق بالرياض على ما يبدو، وقد يكون للحكاية التي أخذتهم لسنوات طويلة إلى خارج المملكة دور في ذلك، شعور تكرر في مواضع كثيرة من الرواية، كان أحدها: "كنت أتأمل الرياض في طريقي للبيت، تبدو وكأني تركتها ليلة الأمس، هذه المدينة تعود إليها لتجدها مثلما كانت، بالملامح ذاتها، والرائحة ذاتها، وكذلك الزينة... تغير في الرياض كل شيء، ولم يتغير شيء!".


ثلاثية ضرب الرمل – محمد المزيني

رواية طويلة، من ثلاثة أجزاء، عدها مؤلفها تجربة متجهة بالكامل إلى التأريخ للمكان، حيث اختار أن يحرك شخصيات الرواية في ثلاثة أزمنة متتالية تبدأ من البدايات الأولى لتشكل مدينة الرياض وتحولها التدريجي إلى عاصمة كبيرة، متوقفاً بشكل تفصيلي مع كل ما رافق هذه التحولات من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية.
كان الروائي المزيني يختار مواضع من الرواية ليسلط الضوء على الرياض، وبشكل يبدو مثالياً لقارئ من الجيل الجديد يرغب في معرفة قصة هذه المدينة، يقول مثلاً: " نهضت أحياء الربوة والروضة ومن ورائهما حي النسيم الذي وجد البادية فيه بغيتهم للسكنى والاستقرار لطبيعة أرضه المنبسطة المفتوحة على المراعي، في بضع سنين بدأت الرياض تتنفس روائح نفاذة تزكم الأنوف بعدما كانت تتنفس برئة طينية تفوح منها رائحة الشيح والخزامى والنفل، وتهتز تحت وطأة المجنزرات الثقيلة التي شرعت تشق الطرق لتمط المدينة الصغيرة ذات الأحياء المتناشبة كأعضاء جسد واحد إلى مسافات لم يكن يتخيلها عقل الإنسان البسيط".
وفي معلومة قصيرة أخرى، يخبرنا عن أحد أشهر أحياء الرياض الحديثة، فيقول: "كانت الملز قد دخلت طواعية في سلك النطاق العمراني يمر بها الذاهبون إلى المعيزيلة: الصحراء القريبة المطلة على حواف المدينة من جهتها الشرقية لقضاء يوم يتنفسون فيه عبق الخزامى والنفل والأقحوان، كان جامع جملا ذو المنارتين يتراءى جلياً للعابرين من شارع الستين أجمل شوارع الرياض وأفسحها". ويعرج على نشأة الإعلام المرئي واندماجه مع حياة الناس كخيار ترفيهي وحيد في تلك المرحلة، فيقول: "أخذت الرياض تتشكل سريعاً، امتلأت البيوت بأصوات أخرى قادمة من الشرق والغرب، تلك التي تبثها القناة السعودية الأولى".
بالإضافة إلى توثيق ثلاثية ضرب الرمل ورصدها لمجموعة كبيرة من المعطيات السياسية والاجتماعية، وربطها بصميم السرد وعمق الدراما، إلا أنها تمتعت كذلك باستعارات لغوية وفنية تعد إحدى السمات التي تميز كتابات المزيني عموماً، ومن ذلك وصفه للرياض بالمدينة (النابتة من التراب) وتعبيره الجميل في جملة أخرى حين قال: "الرياض... حيث نسمات الدعة السكرى بسكون الأصيل".

إماراتي في الرياض – محمد المرزوقي

محمد المرزوقي، شاب إماراتي زار الرياض للعمل، واختار أن ينتهج أسلوباً سردياً يشبه المذكرات أو اليوميات، غير أن مشروعه الكتابي كان واضح المعالم تماماً، فهو يستهدف الرياض ولا شيء غير الرياض، ولهذا فقد كان كتابه ثرياً بالتعليقات والتدوينات التي ربطها المؤلف بمعلومات يعرفها أهل العاصمة جيداً، ولكنها تبدو في غاية التشويق لمن يزورها، وفي غاية الفائدة لمن يرغب في الإقامة فيها.

وهنا نعرضها تباعاً، لتكون جولة قرائية في الرياض:

•    •    "كان صعباً عليّ أن أحفظ شوارع الرياض وهي من أكبر مدن العالم اتساعاً، يلفها طريق دائري ضخم شرقي وغربي تستطيع عن طريقه أن تلف حول المدينة بشكل كامل دون أية تقاطعات، أتوقع أنه عندما أنشئ هذا الطريق الدائري فإنه أنشئ خارج المدينة ولكن المدينة الآن توسعت كثيراً وأصبح هذا الطريق في وسطها، وأصبح السير فيه صعباً جداً في أوقات الذروة الصباحية والمسائية بسبب تكدس آلاف المركبات فيه".
•    •    "تخطيط مدينة الرياض الحديثة يعود إلى الثمانينيات من القرن العشرين، وقد دهشت بالفعل لأن من خطط هذه المدينة كان فذاً وخبيراً بعمله لأنه استطاع أن يرى المستقبل وحاجة المدينة في السنوات العشرين القادمة".
•    •    "إن الرياض كانت ولا شك متفوقة بسنوات كثيرة عن كل ما حولها من مدن الخليج من ناحية تخطيطها وبنيتها التحتية، ولولا هذا التخطيط الصحيح لما استطاعت أن تتحمل الزيادة الكبيرة في سكانها كل عام بحيث بلغ عدد سكانها عندما غادرتها قرابة 6 ملايين نسمة، وهو عدد قريب من سكان الإمارات!".
•    •    مررت بالصدفة اليوم على شارع شبيه بشارع الشانزليزيه فيه الكثير من المطاعم والمقاهي، هذا كان أول تعارف لي مع شارع التحلية المشهور في مدينة الرياض، لا أستطيع القول إنه مثل الشانزليزيه ولكن أستطيع أن أقول إن التحلية هو شانزليزيه الرياض.
•    •    بدلاً من أن تتوجه لمكان واحد وتجد كل ما تحتاجه مجمعاً تحت سقف واحد، فإنك لا بد وأن تبحث عن المحلات التي تستهويك وستجدها مجتمعة تحت سقف الرياض!
•    •     لم أتخيل يوماً بأنني سأتعشى مساء يوم الخميس في مطعم شعبي بسيط يقدم البيض الشكشوكة بأحد أحياء الرياض البعيدة بعد أن أنهي تسوقي من المحلات التجارية الفخمة في شارع العليا، هذا التغيير لم أكن لأقوم به لولا أنني كنت أقيم في مدينة تفرض عاداتها مثل هذا التغيير المفيد والممتع.
•    •    قد تكون العاصمة الوحيدة في العالم التي لا تأبه مطلقاً بحلول السنة الميلادية الجديدة، وأنا أحترم كثيراً مثل هذا القرار والتوجه ليس بسبب كوني مسلماً فقط، ولكن لقناعتي أيضاً أنه لا بد من وجود بعض الاختلاف ما بين دول العالم للإحساس بالتميز والتفرد، فمدن العالم بدأت تستنسخ نفسها مؤخراً وباتت العادات المعيشية لسكانها تتكرر وتستنسخ، أما هنا في الرياض فإنك تحس بالتميز لأن هذا اليوم يمر كسائر الأيام الأخرى.
•    •    يعجبني مطار الرياض فأنا أحس براحة كبيرة فور أن أدخل إلى قاعات الانتظار ذات السقف المرتفع، إن من صمم هذا المطار راعى أن يشعر المسافر فور دخوله بأنه قد التصق بالسماء، وأصبح يعيش حالة من السكون والسمو بسبب تصميم القاعة الرئيسية على شكل قبة كبيرة تتخللها فتحات كثيرة تنقل لنا أشعة الشمس المتساقطة من أعالي سقفه المرتفع، تتوسطه دائرة منخفضة زرعت على أطرافها الأشجار وتتوسطها نافورة كبيرة، إنه مزج رائع بين الماء والشجر والسماء، إنها الطبيعة الساحرة تستقبلك وأنت على أبواب طائرتك.
•    •    أنا متأكد بأنه في خلال سنوات قادمة لن أتعرف على مدينة الرياض وسأضطر إلى اكتشافها والتعرف عليها من جديد، إننا نكبر في العمر بينما تصر الرياض على أن تتجمل وتتزين لتقابل الأجيال الجديدة بوجه أجمل وليعيشوا فصلاً جديداً من قصة حب كبيرة مع هذه المدينة.