انطلاقاً من أولى الخرائط القديمة لمدينة الرياض، ومجموعة من الصور التاريخية النادرة، وثّق كتاب "الرياض القديمة" الذي أصدرته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، لمرحلة مهمة من تاريخ مدينة الرياض، أثناء تأسيس الدولة السعودية الثالثة على
يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن، رحمه الله، وتحديداً خلال عام 1335هـ (1916م) بعد استقرار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المدينة واستتباب الأمن فيها.
فقد قارن الكتاب الصادر في 100 صفحة من القطع المتوسط، بين مواقع معالم المدينة القديمة والحديثة، ومدى قربها من مركز المدينة، وتناولأبرز مكونات مدينة الرياض القديمة، بما يشمل أسوارها، وبواباتها، وأحيائها (الحلل)، ومساجدها، وكتاتيبها، ومعالمها العمرانية، ومواقع أهم قصورها وبيوتها، وأسواقها الشهيرة، والمهن التي كان يشتغل بها سكانها، وأبرز الرحالة الأجانب اللذين كتبوا عنها، خلال المائة عام الماضية.
وقد استعرض الكتاب في شرح سلس ومبسّط، المعلومات المتعلقة بكل موقع من المواقع التي تناولها، وسبب تسميه، وحدوده، والأحياء المجاورة له، وملكية الأراضي قبل تحويلها إلى أحياء مأهولة بالسكان، وأشهر من سكنها من الشخصيات المؤثرة في المدينة.
كما وصف الكتاب، أشهر شوارع الرياض القديمة، وتوزيعها الجغرافي على الخريطة القديمة، والأحياء التي تخترقها، وأهم المعالم والمواقع التي تحاذيها من مساجد وأسواق وآبار، والأبواب التي تنتهي عندها، متناولاً ضمن ذلك أطوال هذه الشوارع ومواصفاتها، ومقدار أهميتها للمدينة.
وأفرد الكتاب فصلاً خاصاً بمساجد الرياض القديمة، شرح فيه مواصفاتها وطابععها العمراني، الذي غالباً ما يتسم بالبساطة المماثل للنمط التقليدي السائد في مباني المدن الإسلامية الأخرى. وقد حدّد الكتاب موقع كل مسجد، داخل الحي الذي يحتضنه، واستعرض أشهر الأئمة الذين تعاقبوا على إمامتها، ومراحل عمارتها منذ إنشاءها حتى وقتنا الحاضر.
وفي جانب الحياة العلمية في المدينةالتي بلغت الآفاق بفضل الله، ثم بفضل كوكبة العلماء وطلبة العلم اللذين سخروا جهودهم لنشر العلم بين أبناء المدينة وزائريها، وثّق الكتاب جوانب من الحركة العلمية في المدينة، حيث اشتهرت الرياض القديمة بحلقات العلم التي كانت بمثابة جامعات في ذلك العصر، إلى جانب الكتاتيب بالكتاتيب التي كانت بمثابة مدارس للتعليم الأساسي للصغار، وقد حصر الكتاب أشهر هذه الكتاتيب، وحدد مواقعها، والأسماء التي اشتهرت بها، ومتى أنُشئت، والقائمون عليها، متطرقاً إلى نشأة التعليم في المدينة وبداياته وانتشاره.
وضمن تناولها لأبرز مكونات الرياض القديمة، استعرض الكتاب أهم معالم المدينة، كقصر الحكم، و"الصفاقات"، وحصن المصمك، وأشهر القصور في المدينة، والمقار الإدارية، والتي تمركزت جميعها في وسط المدينة، والتي تميزت بطرازها العمارني المحلي المتين، كما يحدد مواقع هذه المعالم على خارطة المدينة القديمة، ويرفدها بالصور التاريخية التي وثقت لتلك الحقبة.
ونظراً لكون الأسواق أحد أبرز مكونات أية مدينة، وأحد عناصر هويتها الأساسية، أفرد الكتاب فصلاً لأسواق الرياض التاريخية، التي شكّلت شريان الحياة الاجتماعية في المدينة، متناولاً نمطها العمراني، وتمركزها حول الساحات والميادين الرئيسية في وسط المدينة بجوار قصر الحكم، والجامع الكبير، وتصنيفها بحسب السلع التي اشتهرت ببيعها.
ويقدم الكتاب صوراً من أشكال التواصل الاجتماعي التي كانت سائدة في الرياض، من خلال شرح العلاقة بين الأسواق والميادين، التي كانت تتكامل فيما بينها لتقدم نموذجاً للبيئة الاجتماعية المترابطة بين سكان المدينة، حيث درج أهالي الرياض على التلاقي في هذه المواقع التي شكلت محاضن للعلاقات الاجتماعية في المدينة.
كما يشير الكتاب لأشهر المهن التي كانت تضمنها هذه الأسواق، كالحدادة، والنجارة، وأعمال الخرازة، وأعمال الصاغة، وغيرها من المهن التي كانت تمنح المدينة طاقة متجددة على الدوام.
وضمن تناوله لتاريخ المدينة خلال تلك الحقبة، قدم الكتاب تعريفاً بأبرز الرحالة الذين زاروا الرياض وكتبوا عنها إبان الدولة السعودية الثانية والثالثة، متناولاً بعض ما قدموه من معلومات ووصف وخرائط تميزت بالدقة والشمولية عن المدينة، خلال حقب زمنية مختلفة.
وقد ألحق بالكتاب خارطة للرياض التاريخية بالحجم الكبير، تشتمل على أشهر المعالم والمواقع والبوابات، وتوزيعها داخل أسوار المدينة القديمة.