الخميس 21 تشرين2/نوفمبر 2024

هيثم السيد
على الرغم من وضوح مسألة (الوصية) في الفقه الإسلامي، وتفاصيلها التي نص عليها القرآن الكريم والسنة المطهرة، إلا أن تطبيق هذه المسألة ظل يتحرك في مساحة من الاجتهاد الذي أثر بشكل أو بآخر على تحقيق المصلحة منها، في حين بقيت الاستزادة في مجالها العلمي محصورة بين علماء الشرع وطلابه المتخصصين

، وظل المجتمع معتمداً على فهمه الانطباعي للأمر دون امتلاك رؤية واضحة لكيفية وزمان القيام به، وهي الإشكالية التي عانت كذلك من أسئلة عديدة لم يكن هنالك من يحرص على إجابتها أو يقدم على طرحها.
إن الوصية ليست الصورة النمطية المعروفة بأنها آخر ما يقوله الإنسان في حياته، ولكنها كذلك أداء لحقوق اقتصادية وتسوية لمسائل اجتماعية وهي إيذان بمشاريع نافعة وترتيب لحياة الناس، الأمر الذي جعلها لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن مصلحة الناس وفائدة الأمة ككل، ولأن مسألة بهكذا أهمية لم يكن يفترض أن تبقى بوضع يؤثر على الاستفادة منها وأدائها على الوجه الشرعي الأمثل، فقد تعاضدت الأفكار على إيجاد حل نوعي يصنع عهداً جديداً بالتعامل مع هذه المسألة.
 من هذا المنطلق جاءت فكرة مركز (واقف) وبنك البلاد بالبدء في تصميم تطبيق (الوصية) وهو وسيط إلكتروني بمواصفات إصدار شرعي محكم، تم تصميمه بعناية تامة، وإثراؤه بمحتوى مفيد، بحيث يصبح الوسيلة الأولى والوحيدة التي تمكّن كل شخص من استخدامها من أجل كتابة الوصية بشكل متكامل، يتيح له تفاصيل متعددة حول ما يملك من المال والأصول والطريقة التي يرغب في التصرف بها، بالإضافة إلى بيانات تساعده لإثبات ما له وما عليه من حقوق لدى الأفراد أو الجهات المختلفة.
هذا الحل الرقمي، بما يتضمنه ويوفره من معلومات ثبوتية ومرجعيات اتصالية كاملة، يمثل أحد المعطيات البالغة الأهمية، والتي لم يكن إيجادها أمراً سهلاً سواء كان ذلك بالنسبة للمحامين وجهات القضاء والقانون، أو بالنسبة لأفراد المجتمع أنفسهم، فضلاً عن أنه يوفر فرصة القرار للشخص في ما يملك، وبكامل رضاه ورغبته واقتناعه، حيث تم تصميمه على أعلى درجات الموثوقية والخصوصية والأمان المعلوماتي، متضمناً كذلك معلومات شرعية، وتقسيمات داخلية، تضمن لكل شخص أن يقوم بالأمر بسهولة ويسر.
مساء الاثنين، الثامن عشر من ربيع الأول 1437هـ، حضر مسؤولو بنك البلاد مع ممثلي مركز (واقف) لخبراء الوصايا والأوقاف، وبوجود ومشاركة عدد كبير من العلماء والمشايخ وأهل الفقه والقضاء، ليتم الإعلان رسمياً عن تدشين تطبيق (الوصية) الخاص بكتابة الوصية الشرعية، والذي وصفه بعض الحضور بأنه (مشروع إسلامي مهم) جاء نتاجاً مفيداً لاجتماع رؤى أهل العلم والقضاة مع إيمان بنك البلاد بقيم الابتكار والمبادرة.
وفي الحفل الذي حضره الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع رئيس الهيئة الشرعية في بنك البلاد، والشيخ عبدالرحمن النوح وكيل وزارة العدل للشؤون القضائية، تحدث خالد بن سليمان الجاسر الرئيس التنفيذي لبنك البلاد مبدياً اعتزاز البنك بدعم وتحويل هذا التطبيق من فكرة إلى واقع، مشيداً بما تمثله هذه الخطوة غير المسبوقة من فائدة شرعية واجتماعية تعود على الجميع بالخير.
وجدد الجاسر التزام البنك بالحفاظ على مكانته الريادية في مجال المسؤولية الاجتماعية، وفي الحرص المستمر على تطوير المصرفية الإسلامية والنهوض بخدماتها، مشيراً إلى أن تطبيق الوصية قام على جهد مهم من مركز (واقف) ومن الشريك التقني (OTS) حيث تضافرت كل هذه الإسهامات في الحصول على أعلى درجات الدعم الفني والشرعي من المتخصصين.
في حين أشاد سليمان الجاسر رئيس مركز واقف لخبراء الوصايا والأوقاف، بالتعاون مع بنك البلاد من خلال هذا التطبيق، واعتبره جزءاً مهماً من عملية إشاعة ثقافة الوقف والوصية، ونشر الخير والعلم النافع وإقامة الحجة، مضيفاً: "ما رأيت من هذا البنك إلا كل خير، ولم نكن نعرض عليهم فكرة أو أمراً إلا وبادروا بالمساعدة والتجاوب".
وقد ذكر الجاسر أن فكرة تطبيق الوصية جاءت حينما أبدى عدد من القضاة وأهل العلم ملاحظاتهم لورود كثير من أسئلة المشاركين معهم في الدورات والبرامج العلمية حول موضوع الوصية وكيفية كتابتها وإثباتها، وهو ما كان المنطلق الأول لتحقيق هذا الهدف من خلال وسيط يحفظ الخصوصية ويفيد الجهات القضائية والمعنية بحصر ورصد الوصايا والأوقاف.
من جانبه، أشاد الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع بهذا التطبيق، وعده دليلاً عملياً على أن الإسلام ينظر للمال باعتباره وسيلة وليس غاية، موضحاً: "هو وسيلة لتعظيم الله تعالى وعبادته، ووسيلة للتقرب له بوجوه الخير، ووسيلة كذلك لرعاية المجتمع، ولعل الاقتصاد الإسلامي يختلف في هذا المبدأ عن الاقتصادات الأخرى التي تنادي بوجود الثروات بين أيادي قلة من الناس".
ويضيف فضيلة المنيع أن الدين الإسلامي يعمل على توزيع الثروات لصالح الأمة، سواء كان ذلك من خلال الحث على الزكاة والصدقات والأوقاف وغيرها، كما أنه يعمل على تنظيم نقل هذه الأموال من أصحابها الذين ينتقلون إلى الدار الآخرة إلى أهلهم وأقاربهم وأصحاب الحقوق المستحقة، حيث يؤكد الشيخ أن الموت حتمي على البشر جميعاً، ويستشهد في هذا الصدد بقوله تعالى: (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).
في محور ذي صلة، يصف الشيخ المنيع تطبيق الوصية بـ "الاتجاه المبارك الذي كنا في أمس الحاجة له" مشيراً إلى أنه يمثل حلاً لمشكلة (الفتور) التي تعتري مجال الإيقاف والوصايا بسبب قلة معرفة الناس بأحكامها الشرعية، كما أنه سيسمح بانتقال الأموال وتوزيعها لتؤدي دورها الطبيعي في خدمة المجتمع من واقع كونها سبباً من أسباب الحياة.
الشيخ المنيع وجه شكره لبنك البلاد قائلاً: "هو بنك متميز عن غيره، أرى مساهمته في عمل الخير، ومجهوداته في كل مكان، بالإضافة إلى دعمه لنشر البحوث الاقتصادية لاسيما تلك المتعلقة بمقتضيات إسلامية".
الشيخ عبدالرحمن النوح، وكيل وزارة العدل للشؤون القضائية نوه بهذه الخطوة التي تحض على الوصية، واعتبرها تجسيداً فاعلاً لتطويع التقنية في سبل الخير، وفي أول وأهم رد فعل على تدشين تطبيق الوصية، أعلن النوح أن وزير العدل قد وجه بدراسة ربط هذا التطبيق بالأنظمة الإلكترونية لوزارة العدل وذلك لإتاحة أكبر قدر من الشمولية والفائدة التي يرمي إليها هذا العمل.
مبادرات كثيرة ومداخلات نافعة شهدتها ليلة تدشين هذا التطبيق، فالدكتور عبدالعزيز الفوزان تحدث عن أن كثيراً من الناس يخطئون في الوصية لأنهم لا يعرفون أحكامها وشدد على أنها ليست مالية دائماً، كما دعا إلى التفريق بين الوصية المقطوعة ووصية الوقف، مطالباً كذلك بأن تتم ترجمة هذا التطبيق النافع إلى عدد من لغات العالم الحية، ليستفيد منه كل مسلم.
من ناحيته عبر رئيس الجمعية العلمية القضائية السعودية عن سعادته بمشاركة الجمعية في تحكيم هذا التطبيق من حيث دقة صياغته وسلامته الشرعية، حيث وصفه بالإبداع العلمي والعملي الذي يحق للجميع أن يفخروا به، مطالباً في الوقت نفسه بالمضي قدماً في تفعيل وتصميم برامج مشابهة يكون من شأنها خدمة مختلف مقاصد الفقه الإسلامي والشريعة السمحة.


فكرة المشروع

إعداد صيغة شرعية وقانونية للوصية وإتاحتها للمسلمين عبر تطبيق إلكتروني للهواتف الذكية، حيث يقوم الموصي بتعبئة بياناته ووصيته فيه، ويضيف التطبيق بعض الامتيازات من إمكانية التعديل أو التذكير أو الإرسال، مع خيارات أخرى تسهل تفعيل الوصية.


أهداف المشروع

1-    نشر ثقافة الوصية والدعوة إلى العمل بهذه السنّة النبوية.
2-    تسهيل العمل بتطبيق الوصية لكل راغب
3-    إتاحة صيغة نموذجية عامة للوصية وفق أحكام الشريعة.

مزايا المشروع

1-    سهولة الوصول لكافة شرائح المجتمع.
2-    تحقيق حاجة الناس لفهم وكتابة الوصية ذاتياً.
3-    تسهيل آلية كتابة وصية متقنة وخالية من المخالفات الشرعية مع إمكانية تعديلها.
4-    فتح آفاق شرعية وخيرية للموصي.
5-    الإلمام بجوانب الوصية وتحاشي الوقوع في مشكلات الوصايا.

خدمات المشروع

1-    كتابة الوصية وفق القوالب والصيغ المعدة.
2-    تقديم مراجعة المستشار الشرعي وتقديم الاستشارة اللازمة.

محتويات المشروع

1-    تطبيق على الهواتف الذكية.
2-    روابط في المنتديات الإسلامية والإعلامية والمواقع.
3-  حسابات تواصل اجتماعية.

مواصفات التطبيق

- سهل الاستخدام والتعديل
- يحافظ على أمان وخصوصية الموصي
- يشرح أحكام الوصية
- إمكانية إعداد وصية مفصلة
- إمكانية طلب استشارة عن طريق مركز واقف
- إمكانية إرسال الوصية إلى أي شخص بالبريد الإلكتروني