يشكّل مشروع إنشاء شبكة الطرق داخل قاعدة الرياض الجوية، أحد أكثر مشاريع الطرق في المملكة عصرية وإنسانية، وأحدثها في استخدامات التقنيات الحديثة، وأكثرها عناية بجوانب السلامة المرورية، والطريق الذكي الثاني الذي تنفذه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وفق أحدث برامج ونظم الإدارة المرورية المتقدمة.
وتتشكل شبكة الطرق من امتداد كل من طريق أبي بكر الصديق جنوباً عبر قاعدة الرياض الجوية حتى التقائه بطريق صلاح الدين الأيوبي بطول خمسة كيلومترات، وامتداد طريق العروبة من تقاطعه مع طريق الملك عبدالعزيز حتى التقائه مع طريق عبدالرحمن الغافقي عند تقاطعه مع الطريق الدائري الشرقي بطول ستة كيلومترات، وأحدث المشروع أثراً إيجابياً كبيراً على حركة السير في كافة أرجاء مدينة الرياض، وذلك من خلال رفع القدرة الاستيعابية لكل من الطريقين إلى أكثر من 560 ألف مركبة يومياً، إضافة إلى تفعيل الترابط بين جهات المدينة من جهات: الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، وتيسير التنقل فيما بينهما بكل يسر وسهولة، دون أن يترتب على ذلك أية عوائق في حركة السير، أو توقف في نشاط حركة الطيران داخل قاعدة الرياض الجوية التي تتوسط المدينة.
كما تمثل أحد أبرز عوائد المشروع في التخفيف من حجم الحركة المرورية على الطرق الرئيسية الأخرى الموازية في المدينة، وبالأخص على كل من طريق مكة المكرمة وطريق الملك فهد، والطريق الدائري الشرقي وطريق الملك عبدالعزيز، وهو ما من شأنه المساهمة في خفض عدد الكيلومترات المقطوعة في المدينة بمقدار 129 ألف كيلو متر في اليوم، وخفض عدد الساعات المنقضية على الطرق بأكثر من 58 ألف ساعة في اليوم.
مواصفات فنية وتقنية خاصة
وقد جرى إنجاز المشروع بحمد الله، وفق أحدث الموصفات الفنية والتقنية، وبما يراعي مختلف المتطلبات العملياتية والأمنية، وذلك نظراً لما تضمنه المشروع من مراعاة لكافة الاعتبارات والمواصفات والمتطلبات الفنية والمعايير الخاصة بأنظمة الطيران الدولية، بما في ذلك التحقق من جاهزية استخدام القاعدة الجوية والمدارج والأنظمة الملاحية خلال مرحلة التنفيذ.
كما التزم المشروع، بتطبيق المسافات المعتمدة في أنظمة الطيران العالمية، مثل بُعد الطرق عن المدارج الرئيسية، وأن تكون الأنفاق مغلقة وفق تصميم إنشائي يجعلها قادرة على تحمل هبوط الطائرات العملاقة الحديثة بكامل حمولتها، وتعزيز قدرتها على امتصاص الانفجارات ـ لا سمح الله ـ مع رفع كفاءتها في مكافحة الحرائق.
وراعى المشروع متطلبات أنظمة المراقبة الأمنية، وغرف التحكم والمسارات الخاصة بالدوريات الأمنية حول الطرق داخل القاعدة، وحيث جرى إنشاء حائط خرساني بارتفاع ثلاثة أمتار عن سطح الأرض على جانبي الطرق، إضافة إلى وضع كاميرات أمنية لرصد توقف المركبات أو حركة المشاة، إلى جانب إعادة بناء عدد من منشآت القاعدة بمساحة تبلغ 12.2 ألف متر مربع، وإنشاء ساحتين لوقوف الطائرات بمساحة إجمالية تبلغ 80 ألف متر مربع، وتعديل مسارات المدارج ونظم الاتصالات والخدمات بما يحقق معايير الطيران الدولية، وما يتلاءم مع مسارات الطرق في المشروع.
تشكيلة من الأنفاق والجسور والمسارات
ويتكون الطريق الرئيسي من ثلاثة مسارات بعرض 3.6 أمتار، ومسار للطوارئ بعرض 2.8 متر في كل اتجاه، مع إمكانية توفير طريق خدمة بعرض مسارين في حالة تطوير المناطق المجاورة، ومسارات خاصة للمداخل والمخارج، وجزيرة وسطية عرضها 3.5 أمتار.
كما اشتمل المشروع على تنفيذ ثلاثة أنفاق مغلقة تحت المدارج بطول إجمالي قدره 1.92 كيلومتر، وبعرض 35 متراً لكل نفق، يقع اثنان منها على طريق العروبة والثالث على طريق أبي بكر الصديق، إضافة إلى نفق بطول 60 متراً وجسر بطول 210 أمتار عند مداخل مقر قيادة الدفاع الجوي، وجسر بطول 41 متراً على تقاطع طريق العروبة مع طريق أبي بكر الصديق، إلى جانب نفق لربط طريق داخلي في القاعدة الجوية.
أكبر ميدان مفتوح في الرياض
أقيم في قلب المشروع، ميدان الأمير سطام بن عبدالعزيز، الذي يعد أكبر ميدان مفتوح في مدينة الرياض بمساحة إجمالية تبلغ 330 ألف متر مربع ـ أي ما يعادل 36 ملعب كرة قدم ـ مشكلاً تقاطعاً حراً لحركة الالتفاف لكل الاتجاهات، ومتيحاً التنقل بكل يسر بين الطريقين.
وقد جرى إضفاء لمسة جمالية على الميدان من خلال نصب 1256 مجسماً فنياً لطائرات شراعية، و45 علماً للمملكة العربية السعودية، و42 قمعاً جمالياً لتحديد اتجاه الرياح، وهو ما أعطى الميدان بعداً بصرياً وروحاً عصرية منسجمة مع محيطه الزاخر بأنشطة الطيران.
تكوينات جمالية وبيئية
وبالرغم من كون الطريق مرفقاً مخصصاً للنقل، إلاّ أن الهيئة العليا راعت في تصميمها للمشروع، تحقيق العديد من الصور الجمالية، شملت إضفاء تكوينات معمارية لا تتعارض مع متطلبات النقل والحركة المرورية، وهو ما أضفى على الطريق بيئة بصرية تحفل بعناصر متنوعة من التنسيق الطبيعي والفني.
فقد جرى المزج في تصميم المشروع، بين توفير الخدمات المتكاملة لخدمة الحركة المرورية وبين مراعاة المتطلبات البيئية، حيث شكلت المسطحات الخضراء والتكوينات الجمالية جانباً مهماً من عناصر المشروع، كما تم المحافظة على شكل البناء الصخري للمنطقة أثناء أعمال الحفر، لدعم الجانب الجمالي في الطريق.
أسوار بأشكال جمالية ووظيفية
أقيمت ضمن المشروع، أسوار على جانبي الطريق بطول 11 ألف متر، وبارتفاع ثلاثة أمتار، وفي بعض أجزاء المشروع أقيم حائط بطول 8200 متر، وبارتفاع خمسة أمتار حول امتدادات الطرق داخل محيط القاعدة الجوية، وتم تزيين هذه الأسوار برسومات وأشكال جمالية ووظيفية تحدد الاتجاهات.
4000 نخلة وشجرة
احتضن المشروع، نحو 1000 نخلة غرست في محيط الطرق وبين عناصرها المختلفة، كما تم غرس أكثر من 3000 شجرة وشجيرة في أرجاء المشروع، وبسط نحو 45 ألف متر مربع بالعشب الطبيعي، و200 ألف متر مربع بالعشب الصناعي، لتساهم في التقليل من التلوث البيئي الناجم عن انبعاث غاز أول أكسيد الكربون من المركبات المستخدمة للطريق.
نظم متعددة للإنارة
جرت إنارة الأنفاق في الطريقين وفق معايير فنية وجمالية مبتكرة، حيث تم تجهيز الأنفاق بـ 6988 وحدة إضاءة، تتكون من وحدات إضاءة اعتيادية، ووحدات إضاءة احتياطية للحالات الطارئة في الأنفاق، وقد تم تقسيم الإضاءة إلى إضاءة ليلية وأخرى نهارية، حيث تكون شدة الإضاءة النهارية داخل الأنفاق عالية في طرفي النفق عند الدخول والخروج، لتتوافق مع شدة الإضاءة خارج النفق، ويتم ذلك بواسطة "مستشعرات شدة الضوء" داخل وخارج الأنفاق، حيث يتم التحكم بشدة الإضاءة آلياً لتفادي إبهار نظر السائق، وفي ذات الوقت لتحقيق متطلب من متطلبات السلامة في الأنفاق.
كما تم تجهيز الأنفاق بمحددات ضوئية LED ذات لونين (أحمر وأبيض) في اتجاهين متعاكسين لتحديد جانبي الطريق داخل الانفاق، وتحديد المسار اللاّزم اتباعه للمشاة في الحالات الطارئة.
أما إنارة مسارات الطريقين، فتتم عبر 330 عموداً ذات شدة إضاءة قدرها 50 لكس، وبارتفاع قدره 16 متراً، وبمسافة فاصلة تقدّر بـ 25 متراً بين كل عمودين. كما جرى إنارة الميدان بواسطة 122 عمود إنارة، بارتفاع 12 متراً، فيما بلغ إجمالي عدد اللمبات والكشافات الموجودة في مجمل المشروع 8602 لمبة وكشاف مختلفة القدرات.
أحدث نظم السلامة والتهوية والإطفاء والري
توفّر الأنفاق الممتدة أسفل مدارج الطائرات «وهي مغلقة بالكامل» انسيابية عالية للحركة العابرة على المحورين الرئيسيين في المدينة، ولضمان أداء الأنفاق لهذه المهام بكفاءة عالية تم تزويدها بالعديد من أنظمة الأمن والسلامة، من ضمنها أنظمة "مستشعرات شدة الإضاءة" داخل الأنفاق، و"حسّاسات العد المروري للسيارات"، واللوحات المرورية المتغيرة قبل الدخول للنفق، إضافة إلى مراوح التهوية، و58 مركزاً للاتصال في حالات الطوارئ، وكاميرات المراقبة على طول الأنفاق، وأجراس إنذار، وأبواب الهروب بين مسارات النفق مزودة بإضاءة LED، إلى جانب نشر 132 لاقطاً ومكبراً للصوت، ومجموعة من المحددات الضوئية للمشاة داخل الأنفاق للمساعدة في تحديد أبواب الهروب، فضلاً عن تزويدها بأبواب لمركبات الطوارئ، وفتحات للدوران قبل وبعد النفق.
كما تم تجهيز الأنفاق بـ 10 مولدات احتياطية للكهرباء، وثماني بطاريات احتياطية UPS لتغذية الأنفاق بالطاقة لمدة تقدر بنصف ساعة في الحالات الطارئة، كما يمكن التواصل مع السائقين عبر إرسال رسائل في الحالات الطارئة من خلال جهاز الراديو الخاص بالسيارات، وذلك على موجات FM ضمن الترددين 100 و98، ويجري العمل على أن تشمل جميع ترددات FM.
كما جُهزت الأنفاق بـ 113 مروحة للتهوية، تقوم بدفع الهواء إلى الخارج مع اتجاه الحركة المرورية في كل جانب، وذلك بهدف تسريع عملية التهوية، ويمكن عكس اتجاه تدفق الهواء في حالة الحريق بشكل يساعد على زيادة فاعلية عملية الإطفاء.
وتعمل مراوح التهوية آلياً ويتم التحكم في سرعتها واتجاه دفعها من خلال "حسّاسات" لقياس نسبة الكربون والنيتروجين، وكذلك "مستشعرات الحرارة" عن طريق نظام يعمل على تشغيل ومراقبة الأنظمة عن بُعد من خلال غرف التحكم المركزية.
تعتبر الحرائق من المخاطر الرئيسية التي يمكن أن تقع في الأنفاق بشكل عام، وذلك بسبب تزايد سرعة اشتعال النيران فيها بفعل الأثر الديناميكي على الغازات المشتعلة، لذا فقد تم تجهيز الأنفاق بأنظمة الإطفاء ومكافحة الحريق من خلال تهيئة أربعة عناصر رئيسية تعمل بالتكامل فيما بينها، وهي:
• ♣ نظم الإنذار المبكر عبر 24 من أجهزة الاستشعار والتي تتيح التحكم في جميع أنظمة السلامة في النفق آلياً، وتتضمّن (مستشعرات الغازات، الرؤية، درجة الحرارة، ومقدار تدفق الهواء داخل النفق).
• ♣ نقاط الإطفاء الثابتة: يعتمد نظام مكافحة الحريق في الأنفاق على استخدام تسع مضخات و25 عمود إطفاء للحريق، وخزان بسعة 110 أمتار مكعبة لكل نفق, وهي مجموعة من مصادر المياه الثابتة المنتشرة في جميع أجزاء النفق، والتي تضخ المياه آلياً في اتجاهات وكثافات تكاملية تغطي فراغات النفق.
• ♣ نقاط الإطفاء المتحركة: وهي عبارة عن مصادر مياه ذات ضغط عالٍ، مزودة بخراطيم ممتدة للاستعمال من قبل رجال الإطفاء.
• ♣ مخارج الطوارئ، وعزل أجزاء النفق، والمرشدات الضوئية.
كما تم تزويد الأنفاق بـ 18 مضخة أساسية لتصريف مياه السيول، وخمس مضخات احتياطية، إضافة إلى شبكة للري داخل محطة معالجة المياه مزودة بسبع مضخات كبيرة لري المناطق الخضراء في المشروع، ويتم التحكم فيها عبر موجات لاسلكية، وتقدر طاقتها الإنتاجية بـ 2800 متر مكعب يومياً، فيما تصل سعة الخزان إلى 6000 متر مكعب.
كما زوّد المشروع بقناة لتصريف السيول بطول 10.6 كيلومترات، ابتداءً من قناة التحويل الشمالية الواقعة في بداية شارع الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وتتجه شمالاً بمحاذاة طريق أبي بكر الصديق عبر قاعدة الرياض الجوية، حتى تصل إلى طريق الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد.
كما جرى تجهيز شبكات لـتصريف المياه الأرضية، وأخرى لتصريف مياه إطفاء الحريق، وحفر أربع آبار عميقة، وإنشاء محطتين للرصد البيئي تتابع كميات الأمطار والرطوبة وسرعة الرياح في الموقع.
غرفة تحكم مركزية لأنظمة الإدارة المرورية المتقدّمة
احتضن المشروع مجموعة متكاملة من نظم الإدارة المرورية المتقدمة بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من الطاقة الاستيعابية للطرق ورفع مستوى السلامة المرورية فيها، حيث جرى تجهيز الطرق الرئيسية بـ 22 لوحة إرشادية متغيرة الرسائل، و161 لوحة تنظيمية متغيرة الرسائل، و120 لوحة متغيرة للتحكم بالمسارات داخل الأنفاق الثلاثة، ونظام آلي لمراقبة وعدّ الحركة المرورية عند التقاطعات وعلى امتداد الطرق بواسطة 260 كاميرا ثابتة، و34 كاميرا محورية.
وتتم إدارة أنظمة الإدارة المرورية في المشروع، من خلال غرفة تحكم مركزية خاصة بالطرق، يديرها كوادر متخصصة في تشغيل أنظمة الإدارة المرورية المتقدمة، ويتم من خلالها إعطاء مستخدمي الطرق التوجيهات بشكل آلي أثناء الازدحام المروري وفي حالة حصول الحوادث ـ لا قدر الله، وذلك بهدف تحقيق أعلى قدر من الانسيابية في الحركة المرورية.
تكامل مع مشاريع مجاورة
ويتكامل مشروع الطرق العابرة للقاعدة الجوية، مع مشروع نفق تقاطع طريق العروبة مع طريق الملك عبد العزيز الذي يبلغ طوله 170 متراً، الذي اشتمل على جسور للالتفاف على طريق الملك عبدالعزيز.
كما يتكامل المشروع مع الجسر الذي أنشأته الهيئة العليا بمسارين وبطول 750 متراً على تقاطع الطريق الدائري الشرقي مع طريق العروبة، لنقل الحركة المرورية القادمة من الجنوب على الطريق الدائري الشرقي، والمتجهة إلى طريق العروبة باتجاه الغرب، وإتاحة حركة الانعطاف على الطريق الدائري الشرقي في منطقة التقاطع للحركة باتجاه الشمال، وأيضاً للحركة باتجاه الجنوب، مع ربط تنظيم الحركة المرورية في التقاطع بنظام الإدارة المرورية المطبقة حالياً في مشروع امتداد طريق العروبة عبر قاعدة الرياض الجوية، وقد اشتمل مشروع الجسر على أعمال الإنارة والنظام الإرشادي وأعمال الرصف وتنسيق المواقع.
ولتسهيل الحركة المرورية على محور طريق أبي بكر الصديق وامتداده على طريق صلاح الدين الأيوبي، قامت الهيئة بإنشاء نفق بطول إجمالي يبلغ 800 متر، وبجزء مغطى بطول 90 متراً، عند تقاطع الطريق مع طريق مكة المكرمة تحت جسر الخليج، مع إتاحة الحركة للانعطاف باتجاهي الشمال أو الجنوب بطول 30 متراً لكل منهما.
ويتكون هذا النفق من ثلاثة مسارات للطريق الرئيسي يبلغ عرضها 3.6 أمتار، إضافة إلى كتف بعرض 2.5 متر في النفق، مع زيادة المسارات عند مداخل ومخارج النفق، وطريق للخدمة مكون من ثلاثة مسارات، تصبح أربعة عند التقائه بطريق مكة المكرمة، فيما يتم ربط النفق بنظام الإدارة المرورية على امتداد طريق أبي بكر الصديق عبر قاعدة الرياض الجوية.
شبكة الطرق المستقبلية
يشار إلى أن مشروع الطرق العابرة لقاعدة الرياض الجوية، كان على رأس أولويات "شبكة الطرق المستقبلية في المدينة" التي وضعتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وذلك عندما جرى وضع المشروع ضمن أولويات مشاريع الشبكة في اجتماع الهيئة الأول لعام 1422هـ. وبحمد الله وتوفيقه، أصبح المشروع واقعاً معاشاً يساهم في تيسير الحركة والتنقل بين أجزاء المدينة المختلفة.